عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٣١٨
الثاني: أن يكون في: كانت، ضمير القصة وهو اسمها، وخبرها. قوله: (تكون حائضا) في محل النصب. الثالث: أن يكون لفظ: تكون، بمعنى: تصير، في محل النصب على أنها اسم: كانت، ويكون الضمير في كانت راجعا إلى ميمونة، وهو اسمها. وقوله: (حائضا) يكون خبر تكون التي بمعنى: تصير. قوله: (لا تصلي) جملة مؤكدة. (لقوله حائضا) وأعرب الكرماني: لا تصلي صفة لحائضا في وجه، وفي وجه أعربه حالا. وأعرب: لا تصلي خبرا لكانت، والتحقيق ما ذكرناه. قوله: (وهي مفترشة) جملة اسمية وقعت حالا، يقال: افترش الشيء، انبسط، وافترش ذراعيه، بسطهما على الأرض. قوله: (بحذاء)، بكسر الحاء المهملة وبالمد بمعنى: إزاء. قوله: (مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: موضع سجوده في بيته، وليس المراد منه المسجد المعروف المعهود. قوله: (على خمرته)، بضم الخاء المعجمة وسكون الميم: وهي سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل، تنسج بالخيوط، وسميت بذلك لسترها الوجه والكفين من حر الأرض وبردها، وإذا كانت كبيرة سميت حصيرا. قوله: (أصابني بعض ثوبه) جملة من الفعل والفاعل والمفعول. فإن قلت: ما محلها من الإعراب؟ قلت: النصب على الحال، وقد علمت أن الجملة الفعلية الماضية المثبتة إذا وقعت حالا تكون بلا: واو، فافهم.
ذكر استنباط الأحكام منها: أن فيه دليلا على أن الحائض ليست بنجسة لأنها لو كانت نجسة لما وقع ثوبه صلى الله عليه وسلم على ميمونة وهو يصلي، وكذلك النفساء. ومنها: أن الحائض إذا قربت من المصلي لا يضر ذلك صلاته. ومنها: ترك الحائض الصلاة. ومنها: جواز الافتراش بحذاء المصلي. ومنها: جواز الصلاة على الشيء المتخذ من سعف النخل، سواء كان كبيرا أو صغيرا، بل هذا أقرب إلى التواضع والمسكنة، بخلاف صلاة المتكبرين على سجاجيد مثمنة مختلفة الألوان والقماش. ومنهم من ينسج له سجادة من حرير، فالصلاة عليها مكروهة، وإن كان دوس الحرير جائزا، لأن فيه زيادة كبر وطغيان.
كمل بعون الله تعالى واعانته الجزء الثالث من (عمدة القاري شرح صحيح البخاري للامام العيني، ويتلوه إن شاء الله تعالى الجزء الرابع ومطلعه كتاب التيمم وفقنا الله عز وجل لإكماله فإنه ولي التوفيق بسم الله الرحمن الرحيم
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318