على الأربعين وبلوغ الثمانين فهذا الذي قاله الشافعي رضي الله عنه هو الظاهر الذي تقتضيه هذه الأحاديث ولا يشكل شئ منها ثم هذا الذي ذكرناه هو حد الحر فأما العبد فعلى النصف من الحر كما في الزنا والقذف والله أعلم وأجمعت الأمة على أن الشارب يحد سواء سكر أم لا واختلف العلماء في من شرب النبيذ وهو ما سوى عصير العنب من الأنبذة المسكرة فقال الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله تعالى وجماهير العلماء من السلف والخلف هو حرام يجلد فيه كجلد شارب الخمر الذي هو عصير العنب سواء كان يعتقد اباحته أو تحريمه وقال أبو حنيفة والكوفيون رحمهم الله تعالى لا يحرم ولا يحد شاربه وقال أبو ثور هو حرام يجلد بشربه من يعتقد تحريمه دون من يعتقد إباحته والله أعلم قوله (جلده بجريدتين نحو أربعين) اختلفوا في معناه فأصحابنا يقولون معناه أن الجريدتين كانتا مفردتين جلد بكل واحدة منهما عددا حتى كمل من الجميع أربعون وقال آخرون ممن يقول جلد الخمر ثمانون معناه أنه جمعهما وجلده بهما أربعين جلدة فيكون المبلغ ثمانين وتأويل أصحابنا أظهر لأن الرواية الأخرى مبينة لهذه وأيضا فحديث علي رضي الله عنه مبين لها قوله (ضربه بجريدتين) وفي رواية بالجريد والنعال أجمع العلماء على حصول حد الخمر بالجلد بالجريد والنعال وأطرا ف الثياب واختلفوا في جوازه بالسوط وهما وجهان لأصحابنا الأصح الجواز وشذ بعض أصحابنا فشرط فيه السوط وقال لا يجوز بالثياب والنعال وهذا غلط فاحش مردود على قائله لمنابذته لهذه الأحاديث الصحيحة قال أصحابنا وإذا ضربه بالسوط يكون سوطا معتدلا في الحجم بين القضيب والعصا فإن ضربه بجريدة فلتكن خفيفة بين اليابسة والرطبة ويضربه ضربا بين ضربين فلا يرفع يده فوق رأسه ولا يكتفي بالوضع بل يرفع ذراعه رفعا معتدلا قوله (فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى الريف المواضع التي فيها المياه أو هي قريبة منها ومعناه لما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفتحت الشام والعراق وسكن الناس في الريف ومواضع الخصب وسعة العيش وكثرة الأعناب والثمار أكثروا من شرب الخمر فزاد عمر في حد الخمر تغليظا عليهم وزجرا لهم عنها قوله (فلما كان عمر رضي الله عنه استشار الناس فقال عبد الرحمن أخف الحدود) هكذا هو في مسلم وغيره أن عبد الرحمن بن عوف هو الذي أشار بهذا وفي الموطأ وغيره أنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكلاهما صحيح وأشارا جميعا ولعل عبد الرحمن بدا بهذا القول فوافقه
(٢١٨)