رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولا شديدا) وفي رواية أن رجلا من الأنصار أوصى عند موته فأعتق ستة مملوكين قوله فجزأهم هو بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان ذكرهما ابن السكيت وغيره ومعناه قسمهم وأما قوله وقال له قولا شديدا فمعناه قال في شأنه قولا شديدا كراهية لفعله وتغليظا عليه وقد جاء في رواية أخرى تفسير هذا القول الشديد قال لو علمنا ما صلينا عليه وهذا محمول على أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وحده كان يترك الصلاة عليه تغليظا وزجرا لغيره على مثل فعله وأما أصل الصلاة عليه فلا بد من وجودها من بعض الصحابة وفي هذا الحديث دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد واسحق وداود وابن جرير والجمهور في إثبات القرعة في العتق ونحوه وأنه إذا أعتق عبيدا في مرض موته أو أوصى بعتقهم ولا يخرجون من الثلث أقرع بينهم فيعتق ثلثهم بالقرعة وقال أبو حنيفة القرعة باطلة لا مدخل لها في ذلك بل يعتق من كل واحد قسطه ويستسعى في الباقي لأنها خطر وهذا مردود بهذا الحديث الصحيح وأحاديث كثيرة وقوله في الحديث فأعتق اثنين وارق أربعة صريح في الرد على أبي حنيفة وقد قال بقول أبي حنيفة الشعبي والنخعي وشريح والحسن وحكى أيضا عن ابن المسيب قوله في الطريق الأخير (حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين) هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم فقال لم يسمعه ابن سيرين من عمران فيما يقال وإنما سمعه من خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب
(١٤٠)