ليس عنده ماء الا هذه فلا يمكن أصحاب المواشي رعيه الا إذا حصل لهم السقي من هذه البئر فيحرم عليه منع فضل هذا الماء للماشية ويجب بذله لها بلا عوض لأنه إذا منع بذبله امتنع الناس من رعى ذلك الكلأ خوفا على مواشيهم من العطش ويكون بمنعه الماء مانعا من رعى الكلأ وأما الرواية الأولى نهى عن بيع فضل الماء فهي محمولة على هذه الثانية التي فيها ليمنع به الكلأ ويحتمل أنه في غيره ويكون نهى تنزيه قال أصحابنا يجب بذل فضل الماء بالفلاة كما ذكرناه بشروط أحدها أن لا يكون ماء آخر يستغنى به والثاني أن يكون البذل لحاجة الماشية لا لسقى الزرع والثالث ان لا يكون مالكه محتاجا إليه واعلم أن المذهب الصحيح أن من تبع في ملكه ماء صار مملوكا له وقال بعض أصحابنا لا يملكه أما إذا أخذ الماء في إناء من الماء المباح فإنه يملكه هذا هو الصواب وقد نقل بعضهم الاجماع عليه وقال بعض أصحابنا لا يملكه بل يكون أخص به وهذا غلط ظاهر وأما قوله لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ فمعناه أنه إذا كان فضل ماء بالفلاة كما ذكرنا وهناك كلأ لا يمكن رعيه الا إذا تمكنوا من سقى الماشية من هذا الماء فيجب عليه بذل هذا الماء للماشية بلا عوض ويحرم عليه بيعه لأنه إذا باعه كأنه باع الكلأ المباح للناس كلهم الذي ليس مملوكا لهذا البائع وسبب ذلك أن أصحاب الماشية لم يبذلوا الثمن في الماء كأنه باع الكلأ والله أعلم قال أهل اللغة الكلأ مهموز مقصور هو النبات سواء كان رطبا أو يابسا وأما الحضيض والهشيم فهو مختص باليابس وأما الخلي فمقصور غير مهموز والعشب مختص بالرطب ويقال له أيضا الرطب بضم الراء واسكان الطاء قوله (نهى عن بيع الأرض لتحرث) معناه نهى عن إجارتها للزرع وقد سبقت المسألة واضحة في باب كراء الأرض وذكرنا أن الجمهور يجوزون اجارتها بالدراهم والثياب ونحوها ويتأولوا النهى تأويلين أحدهما أنه نهى تنزيه ليعتادوا إعارتها وإرفاق بعضه بعضا والثاني أنه محمول على إجارتها على أن تكون
(٢٢٩)