الطلاق هو مشتق من الاطلاق وهو الارسال والترك ومنه طلقت البلاد أي تركتها ويقال طلقت المرأة وطلقت بفتح اللام وضمها والفتح أفصح تطلق بضمها فيهما تحريم طلاق الحائض بغير رضاها (وأنه لو خالف وقع الطلاق ويؤمر برجعتها) أجمعت الأمة على تحريم طلاق الحائض الحائل بغير رضاها فلو طلقها ووقع طلاقه ويؤمر بالرجعة لحديث ابن عمر المذكور في الباب وشذ بعض أهل الظاهر فقال لا يقع طلاقه لأنه غير مأذون له فيه فأشبه طلاق الأجنبية والصواب الأول وبه قال العلماء كافة ودليلهم أمره بمراجعتها ولو لم يقع لم تكن رجعة فإن قيل المراد بالرجع الرجعة اللغوية وهي الرد إلى حالها الأول لا أنه تحسب عليه طلقة قلنا هذا غلط لوجهين أحدهما أن حمل اللفظ على الحقيقة الشرعية يقدم على حمله على الحقيقة اللغوية كما تقرر في أصول الفقه الثاني ان ابن عمر صرح في روايات مسلم وغيره بأنه حسبها عليه طلقة والله أعلم وأجمعوا على أنه إذا طلقها يؤمر برجعتها كما ذكرنا وهذه الرجعة مستحبة لا واجبة وآخرون هذا مذهبنا وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وفقهاء المحدثين وآخرون وقال مالك وأصحابه هي واجبة فإن قيل ففي حديث ابن عمر هذا أنه أمر بالرجعة ثم بتأخير الطلاق على طهر بعد الطهر الذي يلي هذا الحيض فما فائدة التأخير فالجواب من أربعة أوجه أحدها لئلا تصير الرجعة لغرض الطلاق فوجب أن يمسكها زمانا كان يحله فيه الطلاق وإنما أمسكها لتظهر فائدة الرجعة وهذا جواب أصحابنا والثاني عقوبة له وتوبة من معصية باستدراك جنايته والثالث أن الطهر الأول مع الحيض الذي يليه وهو الذي طلق فيه كقرء واحد فلو طلقها في أول طهر لكان كمن طلق في الحيض والرابع
(٦٠)