استخبثتا بثاء مثلثة أي قالتا الكلام الردئ وفي بعضها استحيتا من الاستحياء ونقل القاضي عن رواية بعضهم استحثتا بمثلثة ثم مثناة قال ومعناه أن لم يكن تصحيفا أن كل واحدة حثت في وجه الأخرى التراب وفي هذا الحديث ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق وملاطفة الجميع وقد يحتج الحنفية بقوله مد يده ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ولا حجة فيه فإنه لم يذكر أنه لمس بلا حائل ولا يحصل مقصودهم حتى يثبت أنه لمس بشرتها بلا حائل ثم صلى ولم يتوضأ وليس في الحديث شئ من هذا وأما قوله احث في أفواههن التراب فمبالغة في زجرها وقطع خصامهن وفيه فضيلة لأبي بكر رضي الله عنه وشفقته ونظره في المصالح وفيه إشارة الفضول على صاحبه الفاضل بمصلحته والله أعلم جواز هبتها نوبتها لضرتها قوله (عن عائشة رضي الله عنها ما رأيت امرأة أحب إلى أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة) المسلاخ بكسر الميم وبالخاء المعجمة وهو الجلد ومعناه أن أكون أنا هي وزمعة بفتح الميم وإسكانها وقولها من امرأة قال القاضي من هنا للبيان واستفتاح الكلام ولم ترد عائشة عيب سودة بذلك بل وصفتها بقوة النفس وجودة القريحة وهي الحدة بكسر الحاء قولها ( فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة) فيه جواز هبتها نوبتها لضرتها لأنه حقها لكن يشترط رضا الزوج بذلك لأن له حقا في الواهبة فلا يفوته الا برضاه ولا يجوز أن تأخذه على هذه الهبة عوضا ويجوز أن تهب للزوج فيجعل الزوج نوبتها لمن شاء وقيل يلزمه توزيعها على الباقيات ويجعل الواهبة كالمعدومة والأول أصح وللواهبة الرجوع متى شاءت فترجع في المستقبل دون الماضي لأن الهبات يرجع فيما لم يقض منها دون المقبوض
(٤٨)