ابن خزيمة كتابا في جواز المزارعة واستقصى فيه وأجاد وأجاب من الأحاديث بالنهي والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (أقركم فيها على ذلك ما شئنا) وفي رواية الموطأ أقركم ما أقركم الله قال العلماء وهو عائد إلى مدة العهد والمراد إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ثم نخرجكم إذا شئنا لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازما على اخراج الكفار من جزيرة العرب كما أمر به في آخر عمره وكما دل عليه هذا الحديث وغيره واحتج أهل الظاهر بهذا على جواز المساقاة مدة مجهولة وقال الجمهور لا تجوز المساقاة الا إلى مدة معلومة كالإجارة وتأولوا الحديث على ما ذكرناه وقيل جاز ذلك في أول الاسلام خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم وقيل معناه أن لنا اخراجكم بعد انقضاء المدة المسماة وكانت سميت مدة ويكون المراد بيان أن المساقاة ليست بعقد دائم كالبيع والنكاح بل بعد انقضاء المدة تنقضي المساقاة فإن شئنا عقدنا عقدا آخر وإن شئنا أخرجناكم وقال أبو ثور إذا أطلقنا المساقاة اقتضى ذلك سنة واحدة والله أعلم قوله (على أن يعتملوها من أموالهم) بيان لوظيفة عامل المساقاة وهو أن عليه كل ما يحتاج إليه في اصلاح الثمر واستزادته مما يتكرر كل سنة كالسقي وتنقية الأنهار واصلاح منابت الشجر وتلقيحه وتنحية الحشيش والقضبان عنه وحفظ الثمرة وجذابها ونحو ذلك وأما ما يقصد به حفظ الأصل ولا يتكرر كل سنة كبناء الحيطان وحفر الأنهار فعلى المالك والله أعلم قوله (فكان يعطى أزواجه كل سنة مائة وسق ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقا من شعير) قال العلماء هذا دليل على أن البياض الذي كان بخيبر الذي هو موضع الزرع أقل من الشجر وفي هذه الأحاديث دليل لمذهب الشافعي وموافقيه أن الأرض التي تفتح عنوة تقسم بين الغانمين الذين افتتحوها كما تقسم بينهم الغنيمة المنقولة بالاجماع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم خيبر بينهم وقال مالك وأصحابه يقفها الامام على المسلمين كما فعل عمر رضي الله عنه في أرض سواد العراق وقال أبو حنيفة والكوفيون يتخير الامام بحسب المصلحة في قسمتها أو تركها في أيدي من كانت لهم
(٢١١)