صلى الله عليه وسلم (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث الا على زوج أربعة أشهر وعشرا) فيه دليل على وجوب الاحداد على المعتدة من وفاة زوجها وهو مجمع عليه في الجملة وإن اختلفوا في تفصيله فيجب على كل معتدة عن وفاة سواء المدخول بها وغيرها والصغيرة والكبيرة والبكر والثيب والحرة والأمة والمسلمة والكافرة هذا مذهب الشافعي والجمهور وقال أبو حنيفة وغيره من الكوفيين وأبو ثور وبعض المالكية لا يجب على الزوجة الكتابية بل يختص بالمسلمة لقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله فخصه بالمؤمنة ودليل الجمهور أن المؤمن هو الذي يستثمر خطاب الشارع وينتفع به وينقاد له فلهذا قيد به وقال أبو حنيفة أيضا لا احداد على الصغيرة ولا على الزوجة الأمة وأجمعوا على أنه لا احداد على أم الولد ولا على الأمة إذا توفى عنهما سيدهما ولا على الزوجة الرجعية واختلفوا في المطلقة ثلاثا فقال عطاء وربيعة ومالك والليث والشافعي وابن المنذر لا احداد عليها وقال الحكم وأبو حنيفة والكوفيون وأبو ثور وأبو عبيد عليها الاحداد وهو قول ضعيف للشافعي وحكى القاضي قولا عن الحسن البصري أنه لا يجب الاحداد على المطلقة ولا على المتوفى عنها وهذا شاذ غريب ودليل من قال لا احداد على المطلقة ثلاثا قوله صلى الله عليه وسلم الا على الميت فخص الاحداد بالميت بعد تحريمه في غيره قال القاضي واستفيد وجوب الاحداد في المتوفي عنها من اتفاق العلماء على حمل الحديث على ذلك مع أنه ليس في لفظه ما يدل على الوجوب ولكن اتفقوا على حمله على الوجوب مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر حديث أم سلمة وحديث أم عطية في الكحل والطيب واللباس ومنعها منه والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر وعشرا فالمراد به وعشرة أيام بلياليها هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة الا ما حكى عن يحيى بن أبي كثير والأوزاعي أنها أربعة أشهر وعشر ليال وأنها تحل في اليوم العاشر وعندنا وعند الجمهور لا تحل حتى تدخل ليلة الحادي عشر واعلم أن التقييد عندنا بأربعة أشهر وعشر خرج على غالب المعتدات أنها تعتد بالأشهر أما إذا كانت حاملا فعدتها بالحمل ويلزمها الاحداد في جميع العدة حتى تضع سواء قصرت المدة أم طالت فإذا وضعت فلا احداد بعده وقال بعض
(١١٢)