يوم عرفة وطلوع الفجر الثاني يوم النحر فمن حصل بعرفات في جزء من هذا الزمان صح وقوفه ومن فاته ذلك فاته الحج هذا مذهب الشافعي وجماهير العلماء وقال مالك لا يصح الوقوف في النهار منفردا بل لا بد من الليل وحده فان اقتصر على الليل كفاه ان اقتصر على النهار لم يصح وقوفه وقال أحمد يدخل وقت الوقوف من الفجر يوم عرفة وأجمعوا على أن أصل الوقوف ركن لا يصح الحج الا به والله أعلم وأما قوله (وجعل حبل المشاة بين يديه) فروى حبل بالحاء المهملة واسكان الباء وروى جبل بالجيم وفتح الباء قال القاضي عياض رحمه الله الأول أشبه بالحديث وحبل المشاة أي مجتمعهم وحبل الرمل ما طال منه وضخم وأما بالجيم فمعناه طريقهم وحيث تسلك الرجالة وأما قوله (فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص) هكذا هو في جميع النسخ وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ قال قيل لعل صوابه حين غاب القرص هذا كلام القاضي ويحتمل أن الكلام على ظاهره ويكون قوله حتى غاب القرص بيانا لقوله غربت الشمس وذهبت الصفرة فان هذه تطلق مجازا على مغيب معظم القرص فأزال ذلك الاحتمال بقوله حتى غاب القرص والله أعلم قوله وأردف أسامة خلفه فيه جواز الإرداف إذا كانت الدابة مطيقة وقد تظاهرت به الأحاديث قوله (وقد شنق للقصواء الزمام حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله) معنى شنق ضم وضيق وهو بتخفيف النون ومورك الرحل قال الجوهري قال أبو عبيد المورك والموركة يعنى بفتح الميم وكسر الراء هو الموضع الذي يثنى الراكب رجله عليه قدام واسطة الرحل إذا مل من الركوب وضبطه القاضي بفتح الراء قال وهو قطعة ادم يتورك عليها الراكب تجعل في مقدم الرحل شبه المخدة الصغيرة وفي هذا استحباب الرفق في السير من الراكب بالمشاة وبأصحاب الدواب الضعيفة قوله (ويقول بيده السكينة السكينة) مرتين منصوبا أي الزموا السكينة وهي الرفق والطمأنينة ففيه أن السكينة في الدفع من عرفات سنة فإذا وجد فرجة يسرع كما ثبت في الحديث الآخر
(١٨٦)