اليوم كثيرة فسن المبالغة بالتبكير بالصبح ليتسع الوقت للوظائف الثالثة يسن الآذان والإقامة لهذه الصلاة وكذلك غيرها من صلوات المسافر وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالأذان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر كما في الحضر والله أعلم قوله (ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ودفع قبل أن تطلع الشمس) أما القصواء فسبق في أول الباب بيانها وأما قوله ثم ركب ففيه أن السنة الركوب وأنه أفضل من المشي وقد سبق بيانه مرات وبيان الخلاف فيه وأما المشعر الحرام فبفتح الميم هذا هو الصحيح وبه جاء القرآن وتظاهرت به روايات الحديث ويقال أيضا بكسر الميم والمراد به هنا قزح بضم القاف وفتح الزاي وبحاء مهملة وهو جبل معروف في المزدلفة وهذا الحديث حجة الفقهاء في أن المشعر الحرام هو قزح وقال جماهير المفسرين وأهل السير والحديث المشعر الحرام جميع المزدلفة وأما قوله فاستقبل القبلة يعني الكعبة فدعاه إلى آخره فيه أن الوقوف على قزح من مناسك الحج وهذا لا خلاف فيه لكن اختلفوا في وقت الدفع منه فقال ابن مسعود وابن عمر وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء لا يزال واقفا فيه يدعو ويذكر حتى يسفر الصبح جدا كما في هذا الحديث وقال مالك يدفع منه قبل الاسفار والله أعلم وقوله (أسفر جدا) الضمير في أسفر يعود إلى الفجر المذكور أولا وقوله (جدا) بكسر الجيم أي أسفارا بليغا قوله في صفة الفضل بن عباس (أبيض وسيما) أي حسنا قوله (مرت به ظعن يجرين) الظعن بضم الظاء والعين ويجوز إسكان العين جميع ظعينة كسفينة وسفن وأصل الظعينة البعير الذي عليه امرأة ثم تسمى به المرأة مجازا لملابستها البعير كما أن الرواية أصلها الجمل الذي
(١٨٩)