هناك في ذلك اليوم وقد أجمعت الأمة عليه واختلفوا في سببه فقيل بسبب النسك وهو مذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وقال أكثر أصحاب الشافعي هو بسبب السفر فمن كان حاضرا أو مسافرا دون مرحلتين كاهل مكة لم يجز له الجمع كما لا يجوز له القصر وفيه أن الجامع بين الصلاتين يصلي الأولى أولا وأنه يؤذن للأولى وأنه يقيم لكل واحدة منهما وأنه لا يفرق بينهما وهذا كله متفق عليه عندنا قوله (ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل وافقا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص) في هذا الفصل مسائل وآداب للوقوف منها أنه إذا فرع من الصلاتين عجل الذهاب إلى الموقف ومنها أن الوقوف راكبا أفضل وفيه خلاف بين العلماء وفي مذهبنا ثلاثة أقوال أصحها أن الوقوف راكبا أفضل والثاني غير الراكب أفضل والثالث هما سواء ومنها أنه يستحب أن يقف عند الصخرات المذكورات وهي صخرات مفترشات في أسفل جبل الرحمة وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات فهذا هو الموقف المستحب وأما ما اشتهر بين العوام من الاعتناء بصعود الجبل وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف الا فيه فغلط بل الصواب جواز الوقوف في كل جزء من أرض عرفات وأن الفضيلة في موقف رسول اله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات فان عجز فليقرب منه بحسب الامكان وسيأتي في آخر الحديث بيان حدود عرفات إن شاء الله تعالى عند قوله صلى الله عليه وسلم وعرفة كلها موقف ومنها استحباب استقبال الكعبة في الوقوف ومنها أنه ينبغي أن يبقى في الوقوف حتى تغرب الشمس ويتحقق كمال غروبها ثم يفيض إلى مزدلفة فلو أفاض قبل غروب الشمس صح وقوفه وحجه ويجبر ذلك بدم وهل الدم واجب أم مستحب فيه قولان للشافعي أصحهما أنه سنة والثاني واجب وهما مبنيان على أن الجمع بين الليل والنهار واجب على من وقف بالنهار أم لا وفيه قولان أصحهما سنة والثاني واجب وأما وقت الوقوف فهو ما بين زوال الشمس
(١٨٥)