لأنهم أرادوا أن يبقى شعر يحلق في الحج فلو حلقوا لم يبق شعر فكان التقصير هنا أحسن ليحصل في النسكين إزالة شعر والله أعلم قوله (فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج) يوم التروية هو الثامن من ذي الحجة سبق بيانه واشتقاقه مرات وسبق أيضا مرات أن الأفضل عند الشافعي وموافقيه أن من كان بمكة وأراد الاحرام بالحج أحرم يوم التروية عملا بهذا الحديث وسبق بيان مذاهب العلماء فيه وفي هذا بيان أن السنة أن لا يتقدم أحد إلى منى قبل يوم التروية وقد كره مالك ذلك وقال بعض السلف لا بأس به ومذهبنا أنه خلاف السنة قوله (وركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر) فيه بيان سنن إحداها أن الركوب في تلك المواطن أفضل من المشي كما أنه في جملة الطريق أفضل من المشي هذا هو الصحيح في الصورتين أن الركوب أفضل وللشافعي قول آخر ضعيف أن المشي أفضل وقال بعض أصحابنا الأفضل في جملة الحج الركوب الا في مواطن المناسك وهي مكة ومنى ومزدلفة وعرفات والتردد بينهما والسنة الثانية أن يصلى بمنى هذه الصلوات الخمس والثالثة أن يبيت بمنى هذه الليلة وهي ليلة التاسع من ذي الحجة وهذا المبيت سنة ليس بركن ولا واجب فلو تركه فلا دم عليه بالاجماع قوله (ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس) فيه أن السنة أن لا يخرجوا من منى حتى تطلع الشمس وهذا متفق عليه قوله (وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة) فيه استحباب النزول بنمرة إذا ذهبوا من منى لأن السنة أن لا يدخلوا عرفات الا بعد زوال الشمس وبعد صلاتي الظهر والعصر جمعا فالسنة أن ينزلوا بنمرة فمن كان له قبة ضربها ويغتسلون للوقوف قبل الزوال فإذا زالت الشمس سار بهم الامام إلى مسجد إبراهيم عليه السلام وخطب بهم خطبتين خفيفتين ويخفف الثانية جدا فإذا فرغ منها صلى بهم الظهر والعصر جامعا بينهما فإذا فرغ من الصلاة سار إلى الموقف وفي هذا الحديث جواز الاستظلال للمحرم بقبة وغيرها ولا
(١٨٠)