يرد بالاحتمال، بل كما لا تبطل رواية الفرع ويجوز لغيره أن يروي عنه بعد ذلك، فكذا يجوز للمروي عنه أولا - الذي لا يذكر الحديث - روايته عمن ادعى أنه سمعه منه فيقول هذا الأصل الذي قد صار فرعا إذا أراد التحديث بهذا الحديث: حدثني فلان عني أني حدثته عن فلان بكذا وكذا.
وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعد ما حدثوا بها، وكان أحدهم يقول حدثني فلان عني، عن فلان بكذا. وصنف في ذلك الخطيب البغدادي أخبار من حدث ونسي وكذلك الدارقطني.
ومن ذلك حديث ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قضى باليمين مع الشاهد، قال عبد العزيز الدراوردي: (1) فذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه، قال عبد العزيز: وقد كان سهيل أصابته علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه، وكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة، عنه، عن أبيه.
وكيف كان فجمهور أهل الحديث والفقه والكلام على أن من روى حديثا ثم نسيه جاز العمل به لوجود المقتضي وعدم المانع إذ ليس إلا صيرورة الأصل فرعا، وذلك غير صالح للمانعية.
وخالف في ذلك بعض الحنفية فأسقطوه عن الاعتبار، وهو منهم خطأ والاستدلال لذلك بأن الأصل كما أنه معرض للسهو والنسيان، فكذا الفرع، مردود بأن الأصل غير ناف وقوعه. غايته أنه غير ذاكر، والفرع جازم فيقدم عليه.
الجهة السادسة: في بيان الألفاظ المستعملة في التعديل والجرح بين أهل هذا الشأن.
قد استعمل المحدثون وعلماء الرجال ألفاظا في التزكية والمدح وأمارات دالة على المدح وألفاظا في الجرح والذم وأمارات دالة على الذم ولابد من البحث عن كل منها ليبين الصريح منها من الظاهر، وتذييلها بسائر الألفاظ المستعملة في كلمات أهل