دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٩٨
كثيرا، وهو من مشايخه والواسطة بينه وبين سعد بن عبد الله.
ومثلهما أبو الحسين علي بن أبي جيد، فإن الشيخ - رحمه الله - يكثر الرواية عنه سيما في الاستبصار، وسنده أعلى من سند المفيد لأنه يروي عن محمد بن الحسن بن - الوليد بغير واسطة وهو من مشايخ النجاشي أيضا. قال في " مشرق الشمسين " فهؤلاء وأمثالهم من مشايخ الأصحاب، لنا ظن بحسن حالهم وعدالتهم، وقد عددت حديثهم في " الحبل المتين " وفي هذا الكتاب في الصحيح جريا على منوال مشايخنا المتأخرين ونرجو من الله سبحانه أن يكون اعتقادنا فيهم مطابقا للواقع، وهو ولي الإعانة والتوفيق - انتهى ".
وهو كلام متين فإن من البعيد جدا اتخاذ أولئك الأجلاء الرجل الضعيف أو المجهول شيخا يكثرون الرواية عنه ويظهرون الاعتناء به، مع ما علم من حالهم من القدح في جملة من الرواة وإخراجهم لهم عن " قم " بأمور غير موجبة للفسق، ألا ترى إلى إخراج رئيسهم أحمد بن محمد بن عيسى، أحمد بن محمد بن خالد البرقي عنها لكونه يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل، وحينئذ فرواية الجليل فضلا عن الأجلاء عن شخص مما يشهد بحسن حاله بل ربما يشير إلى الوثاقة والاعتماد، وإذا انضمت إلى ذلك قرائن أخر أفادت الظن بالعدالة والثقة.
السادس: أنه إذا روى ثقة عن ثقة حديثا وروجع المروي عنه في ذلك الحديث فنفاه وأنكر روايته وكان جازما بنفيه بأن قال على وجه الجزم: ما رويته، أو كذب علي ونحوه، فقد صرح جمع بأنه يتعارض الجزمان والجاحد هو الأصل، وحينئذ فيجب رد ذلك الحديث، لكن لا يكون ذلك جرحا للفرع ولا يقدح في باقي رواياته عنه ولا عن غيره، وإن كان مكذبا لشيخه في ذلك إذ ليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا. هذا إذا أنكر الأصل رواية ذلك الحديث وكان جازما بنفسه.
وأما إذا لم ينكره ولكن قال: لا أعرفه، أولا أذكره، أو نحو ذلك مما يقتضي جواز نسيانه، لم يقدح ذلك في رواية الفرع على الأصح الأشهر، لعدم دلالة كلامه على تكذيب الفرع، لاحتمال السهو، والنسيان من الأصل والحال أن الفرع ثقة جازم، فلا -
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»