المزكي تمنع من إرادته باللفظ خلاف ظاهره كما أنها تمنع من إرادته بالعدالة إلا ما وقع الاتفاق عليه.
ثم لو اقتصر على أحد الألفاظ الثلاثة أو اثنين منها، فإن كان أحد الأخيرين أو هما، فلا ريب في عدم إفادته المدح البالغ حد التوثيق، بل ولا مطلق المدح، وإن كان غيرهما، فإما أن يكون الأول خاصة أو هو مع الثاني أو هو مع الثالث:
أما على الأول أعني الاقتصار على كلمة " عدل " ففي الاقتصار على المذكور أو استفادة مفاد الأخيرين منه وجهان: الأول منها أن إحراز كل من الثلاثة شرط في قبول خبره، والأصل عدم تحقق الشرط إلا بمقدار ما وقع التصريح به، والاقتصار على المتيقن ودفع المشكوك بالأصل لازم ولكن الأظهر هو الوجه الثاني، وفاقا لجمع من أهل التحقيق. لنا:
أما على الشق الأول أعني إغناء قولهم: " عدل " عن التصريح بكونه إماميا فهو أن العدالة المطلقة فرع الإسلام والإيمان، فإن الكافر والمخالف، والفرق الباطلة من الشيعة ليسوا بعدول قطعا، فحمل العدل في كلام الشاهد على ظاهره، وهو الإمامي العدل لازم، إذا لا يعدل عن الظاهر إلا لدليل هو هنا مفقود بالفرض.
وقد حكي عن " الحاوي " أنه قال: " إعلم أن اطلاق الأصحاب لذكر الرجل يقتضي كونه إماميا فلا يحتاج إلى التقييد بكونه من أصحابنا ولو صرح كان تصريحا بما علم من العادة.
وعن " رواشح " السيد الداماد أن عدم ذكر النجاشي كون الرجل إماميا في ترجمته يدل على عدم كونه عاميا عنده.
وفي " منتهى المقال " في ترجمة عبد السلام الهروي " أن الشيخ محمد - رحمه الله - قال في جملة كلام له: ذكرنا في بعض ما كتبنا على التهذيب أن عدم نقل النجاشي كونه عاميا يدل على نفيه.
وأما على الشق الثاني وهو كفاية قولهم: " عدل " في التزكية المترتب عليها التصحيح وعدم اعتبار التصريح بالضبط فهو أنه يستفاد الضبط بمؤونة غلبة الضبط في الرواة المؤيدة تلك الغلبة بالأصل كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في ذيل الكلام على