دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٠٣
إرادة العدل الامامي الضابط من قولهم ثقة وقد سمعت في تنبيهات الكلام على اشتراط الضبط عبارة " مشرق الشمسين " الناطقة بذلك وبأن السر في عدولهم عن قولهم: عدل إلى قولهم: ثقة إفادة الضبط لاجتماع العدالة مع عدم الضبط بخلاف قولهم ثقة إذ لا وثوق بمن يتساوى سهوه وذكره أو يغلب سهوه على ذكره فقولهم: " ثقة " أقوى في التزكية المصححة للحديث من قولهم: عدل لأن الضبط هناك كان يحرز بالأصل والغلبة، وهنا بدلالة اللفظ بعد استقرار اصطلاحهم المذكور مع ما تقرر في محله من جمل كلام كل ذي اصطلاح على مصطلحه عند عدم القرينة على الخلاف.
وكفى بالمحقق البهائي (ره) شاهدا باستقرار الاصطلاح مضافا إلى تأيدها بشهادة المحقق الشيخ محمد - رحمه الله - بأنه " إذا قال النجاشي ثقة ولم يتعرض لفساد المذهب فظاهره أنه عدل إمامي، لأن ديدنه التعرض للفساد، فعدمه ظاهر في عدم ظفره، وهو ظاهر في عدمه لبعد وجوده مع عدم ظفره لشدة بذل جهده وزيادة معرفته، وعليه جماعة من المحققين - انتهى ".
وإن كان قصره على النجاشي محل منع، فإن الأصحاب لا يفرقون بين صدور هذه الكلمة من النجاشي أو غيره، ولقد أجاد الوحيد البهبهاني - رحمه الله - حيث جعل ذلك من المسلمات في حق النجاشي وغيره. قال في التعليقة بعد نقل عبارة الشيخ محمد ما لفظه: " لا يخفى أن الرواية المتعارفة المسلمة المقبولة أنه إذا قال عدل إمامي - النجاشي كان أو غيره -: فلان ثقة أنهم يحكمون بمجرد هذا القول بأنه عدل امامي، إما لما ذكر، أو لأن الظاهر من الرواة التشيع والظاهر من الشيعة حسن العقيدة، أو لأنهم وجدوا منهم أنهم اصطلحوا ذلك في الإمامية وإن كانوا يطلقون على غيرهم مع القرينة، فإن معنى " ثقة عادل " أو عادل ثبت " فكما أن عادل ظاهر فيهم فكذا ثقة، أو لأن المطلق ينصرف إلى الكامل أو لغير ذلك على سبيل منع الخلو - انتهى ".
ويؤيد ذلك أنك تراهم يصححون السند إذا كان رجاله ممن قيل في حقه ثقة أو عادل بدون التصريح بالضبط، أو كونه إماميا مع أن المعروف المدعي عليه الإجماع اعتبار كونه إماميا ضابطا في التسمية بالصحيح، فعملهم مع بنائهم على اشتراط الضبط أقوى شاهد على استفادة الضبط من هذه اللفظة فتأمل كي يظهر لك إمكان
(١٠٣)
مفاتيح البحث: الشهادة (2)، المنع (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»