يروي عنه ولم يكن حاله معروفا من غير هذه الجهة، أو يقدح في سند روايته من غير جهته وهو في طريقها فلا ريب ولا إشكال في إفادة ذلك مدحا معتدا به، بل ربما يبلغ هذا وأمثاله بسبب تكثر الأمارات وتراكم الظنون حد التوثيق ويحصل لذلك الظن بعدالته وضبطه، ويكون حاله حال الرجل المعدل بتعديل معتبر.
وقد نبه على ذلك جمع منهم الشيخ البهائي - رحمه الله - في مشرق الشمسين حيث قال: " قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح غير أن أعاظم علمائنا المتقدمين - قدس الله أرواحهم - قد اعتنوا بشأنه وأكثروا الرواية عنه، وأعيان مشايخنا المتأخرين قد حكموا بصحة روايات هو في سندها، والظاهر أن هذا القدر كاف في حصول الظن بعدالته - انتهى ".
ولو تنزلنا عن دعوى إفادته الظن بالعدالة فلا أقل من إفادته الظن بوثاقته من جهة الخبر وكونه موثوقا بصدقه، ضابطا في النقل، متحرزا عن الكذب، وذلك كاف في الخبر إذ الشرط في قبوله عندنا هو هذا. والحاصل أنه لا يقطع النظر عن الراوي بمجرد عدم النص عليه بجرح أو تعديل، بل لابد من الفحص عن حاله وتطلب الأمارات الدالة عليه، فلربما تبلغ حد القبول وإن لم تبلغ حد التوثيق والتعديل. ومن ذلك أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، فإن المذكور في كتب الرجال توثيق أبيه، وأما هو ففي مشرق الشمسين " إنه غير مذكور بجرح ولا تعديل "، ومثله عن " الحاوي " فإنه ذكره في خاتمة قسم الثقات التي عقدها لمن لم ينص على توثيقه بل يستفاد من قرائن اخر أنه من مشايخ الإجازة ومن مشايخ المفيد - رحمه الله - والواسطة بينه وبين أبيه، وعن الوجيزة والشهيد الثاني - رحمه الله - توثيقه. وعن المتوسط (1) " إنه من المشايخ المعتبرين وقد صحح العلامة - رحمه الله - كثيرا من الروايات وهو في الطريق بحيث لا يحتمل الغفلة ولم أدر إلى الآن ولم أسمع من أحد يتأمل في توثيقه - انتهى ".
فمثل هذا الشيخ الجليل وإن لم ينص على تعديله كما ذكروا ولكن فيما سمعت مما يتعلق بأحواله كفاية.
ومثله أحمد بن محمد بن يحيى العطار، فإن الصدوق - رحمه الله - يروي عنه