دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٨٨
في أحدها ما لم يشتمل على شرائط القبول، وما زعمه بعضهم من كون أخبارها كلا مقطوعة الصدور، واستنادا إلى شهادات سطرها في مقدمات " الحدائق " لاوجه له، كما أوضحناه في محله.
نعم: لا بأس بجعل وجود الخبر في الكتب الأربعة بمقتضى تلك الشهادات من المرجحات عند التعارض بينه وبين ما ليس فيها.
الأمر الثاني: أنه قد صرح جماعة بأن المعتبر في شرائط الراوي هو حال الأداء لا حال التحمل، فلو كان حال الأداء جامعا للشرائط، مع فقده للشرائط كلا أو بعضا حال التحمل، قبلت روايته فتقبل رواية البالغ إذا تحمل في حال الصبا.
وقد ادعى في محكي " نهاية الأحكام " إجماع السلف والخلف على إحضار الصبيان مجالس الحديث وقبولهم بعد البلوغ لما تحملوه في حال الصبا. وكذا من تاب ورجع عما كان عليه من مخالفة في دين أو فسق أو نحو ذلك تقبل روايته حال استقامته.
وقد جعلوا من هذا الباب قبول الصحابة رواية ابن عباس وغيره ممن تحمل الرواية قبل البلوغ، فإن ثبت ذلك وإلا لكان لمانع منع قبولهم إلا لما تحمله بعد البلوغ.
وجعل بعض الأصحاب رد الصدوق رواية محمد بن عيسى، عن يونس من باب كون تحمله في حال الصبا، ورد بان الوجه ليس ذلك لأن الصدوق - رحمه الله - أيضا لا يعتبر الشروط حال التحمل بل حال الأداء خاصة. وجعل الشيخ - رحمه الله - من أمثلة المقام رواية أبي الخطاب (1) وغيره. قال في العدة: " فأما ما يرويه الغلاة والمتهمون والمضعفون وغير هؤلاء، فما يختص الغلاة بروايته فإن كانوا ممن عرف لهم حال استقامة وحال غلو، عمل بما رووه حال الاستقامة وترك ما رووه حال خطأهم فلأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب محمد بن أبي زينب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه، وكذلك القول في أحمد بن هلال

(1) يعنى محمد بن مقلاص الأسدي مولاهم الكوفي وكان من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام ثم انحرف ونملا في آخر عمره، وأصحابنا رووا عنه ما رواه حال استقامته.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»