دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٠٤
استفادة الضبط من الخارج صرفا للأصل أو الغلبة على ما مر.
بقي هنا أمور:
منها أنه قد يورد على ما بيناه من استقرار الاصطلاح على إرادة العدل الإمامي الضابط من قولهم ثقة إشكال، تقريره أنهم كثيرا ما يطلقون اللفظة في حق شخص ثم يصرحون متصلا به أو منفصلا وكذا يصرح غيرهم بأنه فطحي، أو واقفي أو عامي، فلو كان فيها دلالة على الإمامية كان بين التصريحين تناف وتناقض ونحن نراهم لا يرتبون آثار التنافي، بل يبنون على الجمع بينهما إلا عند مرجح خارجي للأول.
وبالجملة فمقتضى التناقض التزام الترجيح مطلقا فالتزامهم بتقديم الأخير على الأول وعدم التماس المرجح يكشف عن عدم دلالة اللفظة على الإمامية.
ويمكن دفع هذا الإشكال تارة بأن عملهم يكشف عن إرادتهم بقولهم ثقة فيما إذا عقبوه بقولهم واقفي أو نحوه أنه موثق مؤتمن ضابط.
وأخرى بأن استفادة الإمامية من نفس قولهم: ثقة أو مع القرينة لم تكن لدعوى صراحتها في ذلك حتى يلزم ما ذكر بل المدعى ظهورها فيه ولا ريب في أنه يخرج عن الظهور بالتصريح بالخلاف إذا لم يكن موهونا في نفسه أو بأمر خارج.
ومنها: أنه إذا قال غير الإمامي: إن فلانا ثقة، دل على أنه متحرز عن الكذب صدوق مؤتمن، بل لا يبعد دلالته على أنه عادل في مذهبه، ودلالته على كونه إماميا عدلا في مذهبنا مبني على إحراز التزام ذلك القائل بالاصطلاح الجاري في لفظ الثقة فإن علم إرادته الثقة بالاصطلاح المزبور اعتبر، وإلا فالأظهر عدم دلالتها على كون المشهود له إماميا، ولا كونه عدلا على مذهبنا.
ومنها: أنه إذا قال عدل من أهل الرجال: أن فلانا ليس بثقة، فعند من ينكر استقرار الاصطلاح في لفظ الثقة ويدعي استفادة عدالة الراوي وكونه إماميا من القرائن الخارجية لا تفيد الشهادة المزبورة إلا نفي تحرزه عن الكذب، وأما عند من التزم باستقرار الاصطلاح فمفاد الشهادة المذكورة أنه ليس فيه مجموع الصفات الثلاث ولا يدل على انتفاء جميعها أو بعض منه بالخصوص، فلو قام دليل على اتصافه ببعضها لم يكن ذلك معارضا له.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»