كان مترددا بينهما وهو بأحدهما مجروح، وبالآخر معدل، ففي القبول تردد.
فائدة:
لا يعتبر في حجية الخبر وجوده في أحد الكتب الأربعة، كما زعمه بعض القاصرين، بل المدار على جمع الخبر للشرائط أينما وجد، وليس من شرائط حجيته وجوده في هذه الأربعة. كيف؟ وقصر الحجية على ما فيها من الأخبار يقتضي سقوط ما عداها من كتب الحديث عن درجة الاعتبار، مع أن كثيرا منها يقرب من هذه الأربعة في الاشتهار ولا يقصر عنها بكثير في الظهور والانتشار " كالعيون " و " الكمال " من مصنفات الصدوق - رحمه الله -، وغيرها من الكتب المعروفة المشهورة الظاهرة النسبة إلى مؤلفيها الثقات الأجلة، وعلماء الطائفة ووجوه الفرقة المحقة لم يزالوا في جميع الأعصار والأمصار يستندون إليها ويفرعون عليها فيما تضمنته من الأخبار والآثار المروية عن الأئمة الأطهار (عليهم صوات الملك الجبار)، ولم يسمع منهم الاقتصار على الكتب الأربعة ولا إنكار الحديث لكونه من غيرها.
وإقبال الفقهاء على تلك الأربعة وانكبابهم عليها ليس لعدم اعتبار غيرها عندهم، بل كون هذه الأربعة مع جودة الترتيب، وحسن التهذيب، وكون مؤلفيها رؤساء الشيعة وشيوخ الطائفة، هي أجمع كتب الحديث وأشملها لما يناسب أنظار الفقهاء من أحاديث الفروع، وما عدا " الكافي " منها مقصور على روايات الأحكام، موضوع لخصوص ما يتعلق بالحلال والحرام، وسائر كتب الحديث وإن اشتملت على كثير من الأخبار المتعلقة بهذا الغرض، إلا أن وضعها لغيره اقتضى تفرق ذلك فيها وشتاته في أبوابها وفصولها على وجه يصعب الوصول إليه ويعسر الإحاطة به، فلذلك قلت رغبة من يطلب الفقه فيها، وانصرفت عمدة همتهم إلى تلك الأربعة، لا لقصر الحجية عليها، لعموم أدلة حجية الخبر إذا جمع الشرائط.
نعم، يعتبر كونه موجودا في كتب معتبرة معلومة النسبة إلى مؤلفيها، مأمونة من الدس والتغيير والتبديل، مصححة على صاحبها، معتنى بها بين العلماء وشيوخ الطائفة، لا مرغوبة عنها وساقطة من أعينهم فإن ذلك من أعظم الوهن فيها.
ثم كما لا يعتبر وجوده في أحد الكتب الأربعة، فكذا لا يكفي في حجيته وجوده