دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٦٠
المرسل.
ومنها: المرسل - بفتح السين - لعله مأخوذ من إرسال الدابة أي رفع القيد والربط عنها، فكأنه بإسقاط الراوي رفع الربط الذي بين رجال السند بعضها ببعض.
وله إطلاقان:
أحدهما المرسل بمعناه العام: وهو حينئذ كل حديث حذفت رواته أجمع أو بعضها واحد أو أكثر وإن ذكر الساقط بلفظ مبهم كبعض وبعض أصحابنا، دون ما إذا ذكر بلفظ مشترك وإن لم يميز.
فالمرسل بهذا الاعتبار يشمل المرفوع بالأول من إطلاقيه المتقدمين، والموقوف والمعلق والمقطوع والمنقطع والمعضل.
وقد فسر في البداية المرسل بالمعنى العام بما رواه عن المعصوم من لم يدركه، قال: والمراد بالإدراك هنا هو التلاقي في ذلك الحديث المحدث عنه، بأن رواه عنه بواسطة وإن أدركه بمعنى اجتماعه معه ونحوه.
قال: وبهذا المعنى يتحقق إرسال الصحابي عن النبي (ص)، بأن يروي الحديث عنه بواسطة صحابي آخر، سواء كان الراوي تابعيا أم غيره، صغير أم كبيرا، وسواء كان الساقط واحد أو أكثر، وسواء كان بغير واسطة بأن قال التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، مثلا، أو بواسطة نسيها بأن صرح بذلك، أو تركها مع علمه بها، أو أبهمها كقوله: " عن رجل " أو " عن بعض أصحابنا " ونحو ذلك. قال:
وهذا هو المعنى العام للمرسل المتعارف عند أصحابنا.
والثاني المرسل بالمعنى الخاص: وهو كل حديث أسنده التابعي إلى النبي (ص) من غير ذكر الواسطة. كقول سعيد بن المسيب: " قال رسول الله (ص) - كذا ".
قال في البداية: " وهذا هو المعنى الأشهر له عند الجمهور، وقيده بعضهم بما إذا كان التابعي المرسل كبيرا كابن المسيب، وإلا فهو منقطع. واختار جماعة منهم معناه العام الذي ذكرناه - انتهى ". وقد استعمل الفقهاء - رضي الله عنهم - المرسل في المعنى العام.
ثم إن هنا أمرين ينبغي التعرض لهما:
الأول: أنه قد وقع الخلاف في الحجية المراسيل على قولين:
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»