دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٧٣
عنده، فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده ينزل منزلة إقراره بالوضع لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عن ذلك الشيخ، ولا يعرف إلا برواية هذا عنه، مع صراحة كلامه في السماع منه، وإلا جرى احتمال الإرسال.
ومنها: قرينة في الرواية أو الراوي. مثل ركاكة ألفاظها ومعانيها، قد وضعت أحاديث يشهد لوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها، فإن للحديث ضوءا كضوء النهار يعترف، وظلمة كظلمة الليل تنكر. ولأهل العلم بالحديث ملكة قوية يميزون بها ذلك، وذلك أن للمباشرة مدخلا في فهم لحن صاحبه وتمييز ما يوافق مذاقه عما يخالفه. ألا ترى أن إنسانا لو باشر آخر سنتين وعرف ما يحب ويكره، فادعى آخر أنه كان يكره الشئ الفلاني وهو يعلم بأنه كان يحبه فبمجرد سماعه للخبر بادر إلى تكذيبه.
وبالجملة من كانت له ملكة قوية واطلاع تام وذهن ثاقب وفهم قوي ومعرفة بالقرائن يميز بين الأصيل والموضوع ومنها: أن يكون مخالفا للعقل بحيث لا يقبل التأويل، ويلتحق به ما يدفعه الحس والمشاهدة، أو يكون مخالفا لدلالة الكتاب القطعية أو السنة المتواترة، أو الإجماع القطعي مع عدم إمكان الجمع.
ومنها: أن يكون إخبارا عن أمر جسيم تتوفر الدواعي على نقله بمحضر الجمع ثم لا ينقله منهم إلا واحد.
ومنها: الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير، أو الوعد العظيم على الفعل الحقير، ذكره بعضهم وذكر أنه كثير في حديث القصاص، وأنت خبير بأن الإفراط في الوعيد على الأمر الصغير، مما يستشهد به الفقهاء على الكراهة، كما أن عظم الوعد على الفعل الحقير، يستشهدون به على الاستحباب.
ومنها: كون الراوي مخالفا والحديث في فضائل الخلفاء. إلى غير ذلك من القرائن والأمارات قد تدل على الوضع، لكن ينبغي التثبت وعدم المبادرة إلى كون الحديث موضوعا بمجرد الاحتمال ما لم يقطع أو يطمئن به.
ثم إنه لا شبهة في حرمة تعمد الوضع أشد حرمة، لكونه كذبا وبهتانا على المعصوم عليه السلام، نعم لو لم يتعمد في ذلك، لم يحكم بفسقه، كما نقل أن شيخا كان
(٧٣)
مفاتيح البحث: الشهادة (2)، القصاص (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»