فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسما للمادة.
ثالثها: ما عن القاضي الباقلاني، من أن إثبات التعدي في الجذام ونحوه، مخصوص من عموم نفي العدوي، فيكون معنى قوله عليه السلام " لا عدوى " أي إلا من الجذام ونحوه.
رابعها: أن الأمر بالفرار إنما هو لرعاية حال المجذوم، لأنه إذا رأى الصحيح عظمت مصيبته، وازدادت حسرته. إلى غيره ذلك من وجوه الجمع.
ومنها: الناسخ والمنسوخ فإن من الأحاديث ما ينسخ بعضها بعضا، كالقرآن المجيد، لكن يختص ذلك بالأخبار النبوية، إذ لا نسخ بعده (صلى الله عليه وآله)، كما برهن عليه في محله. نعم لا يختص ذلك بما كان من طريق العامة، بل يعمه وما كان من طريقنا ولو بتوسيط أحد أئمتنا عليهم السلام.
ومنها: المقبول وهو على ما في " البداية " وغيرها: " هو الحديث الذي تلقوه بالقبول، وعملوا بمضمونه، من غير التفات إلى صحته وعدمها. مثل للمقبول بحديث عمر بن حنظلة في حال المتخاصمين من أصحابنا وأمرهما بالرجوع إلى رجل منهم قد روى حديثهم وعرف أحكامهم، - الخبر. وإنما وسموه بالمقبول لأن في طريقه محمد بن عيسى وداود بن الحصين وهما ضعيفان، وعمر بن حنظلة لم ينص الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل - ثم قال -: لكن أمره عندي سهل، لأني قد تحققت توثيقه من محل آخر وإن كانوا قد أهملوه ". قلت: قد ينقل عن بعض الحواشي المنسوبة إليه أن توثيق ابن حنظلة مستفاد من رواية الوقت وهي قوله عليه السلام: " إذا لا يكذب علينا " ويعترض عليه بأن رواية الوقت في سندها ضعف فلا يمكن إثبات التوثيق بها.
وكيف كان فخبر ابن حنظلة المذكور مع ما في إسناده مما عرفت، قد قبل الأصحاب متنه، وعملوا بمضمونه، وجعلوه عمدة التفقه، واستنبطوا منه شرائطه كلها، وسموه مقبولا، ومثله في تضاعيف أخبار كتب الفقه كثير.
ومنها: المعتبر وهو على ما صرح به جمع، هو ما عمل الجميع أو الأكثر به أو أقيم الدليل على اعتباره، لصحة اجتهادية أو وثاقة أو حسن. وهو بهذا التفسير أعم من المقبول والقوي.