دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٤٥
قوله عليه السلام في المرفوعة " ودع الشاذ النادر ".
وأما المحفوظ، فهو في أهل اصطلاح الدراية ما كان في قبال الشاذ، من الراجح المشهور.
وأما المعروف، فهو في الاصطلاح ما كان في قبال المنكر، من الرواية الشائعة.
وأما المنكر والمردود، فهما أيضا مترادفان - على ما يظهر من كلمات أهل - الدراية والحديث -.
فهنا أربع عبارات: الشاذ والمحفوظ والمنكر والمعروف. وقد عرفت المراد بالمحفوظ والمعروف. وإن تأملت، بأن لك الفرق بينهما وبين المشهور، وأنهما أخص منه. فإن المشهور، ما شاع روايته، سواء كان في مقابله رواية أخرى شاذة غير شائعة، أم لا، بخلاف المحفوظ، فإنه خصوص المشهور الذي في قباله حديث شاذ، والمعروف خصوص المشهور الذي في قباله حديث منكر، فبقيت عبارتان:
الأولى: الشاذ وهو على الأظهر الأشهر بين أهل الدراية والحديث، هو ما رواه الثقة مخالفا لما رواه جماعة، ولم يكن له إلا اسناد واحد. فخرج بقيد الثقة، والمنكر والمردود وبقيد المخالفة، المفرد بأول معنييه المزبورين، وبقيد اتحاد الإسناد، المتن الواحد المروي بسندين أو أكثر فإنه ليس بشاذ. ثم إن كان راوي المحفوظ المقابل للشاذ أحفظ أو أضبط أو أعدل من راوي الشاذ، سمي ذلك الشاذ، بالشاذ المردود، لشذوذه ومرجوحيته لفقده للأوصاف الثلاثة، وإن انعكس، فكان الراوي للشاذ أحفظ للحديث أو اضبط له أو أعدل من غيره من رواة مقابله، ففيه أقوال:
1 - عدم رده. اختاره جماعة، منهم ثاني الشهيدين في " البداية "، نظرا إلى أن في كل منهما صفة راجحة وصفة مرجوحة فيتعارضان فلا ترجيح.
2 - رده مطلقا. لأن نفس اشتهار الرواية، من أسباب قوة الظن بصدقها وسقوط مقابلها، مضافا إلى تنصيص المعصوم عليه السلام بكون الشهرة مرجحة، وأمره برد الشاذ النادر من دون استفصال.
ويمكن الجواب عن الأول، بمنع سببية الشهرة لقوة الظن، حتى في صورة كون راوي الشاذ أحفظ أو أضبط أو أعدل، بل قد يقوى الظن حينئذ بصدق الشاذ،
(٤٥)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الظنّ (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»