دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٤١
وعلم الأبدان، وما عدى ذلك فضل " وغيره مما لا يحصى كثرة.
ثم لا يخفى عليك أن الذي ينفع في مقام الترجيح بحكم قوله: خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر، إنما الشهرة بين أهل الحديث أو بينهم وبين غيرهم دون الشهرة بين غيرهم خاصة مع عدم أصل له بينهم فإنها لا تنفع في مقام الترجيح على الأظهر حتى بناء على المختار من الترجيح بشهرة الفتوى كما لا يخفى.
ومنها: الغريب بقول مطلق، وهو على أقسام ثلاثة، لأن الغرابة قد تكون في السند خاصة وقد تكون في المتن خاصة، وقد تكون فيهما.
فالأول: ما تفرد بروايته واحد عن مثله وهكذا إلى آخر السند مع كون المتن معروفا عن جماعة من الصحابة أو غيرهم، ويعبر عنه بأنه غريب من هذا الوجه، ومنه غرائب المخرجين في أسانيد المتون الصحيحة، وظاهرهم اعتبار أن ينتهي إسناد الواحد المنفرد إلى أحد الجماعة المعروف عنهم الحديث، وبذلك يفارق المفرد، فتدبر.
والثاني ما تفرد واحد برواية متنه ثم يرويه عنه أو عن واحد آخر يرويه عنه جماعة كثيرة فيشتهر نقله عن المتفرد وقد يعبر عنه للتميز ب‍ " الغريب المشهور " لاتصافه بالغرابة في طرفه الأول وبالشهرة في طرفه الآخر.
وأما الثالث فهو ما كان راويه في جميع المراتب واحدا مع اشتهار متنه عن جماعة وهذا هو المراد من إطلاق الغريب، وقد يطلق الغريب على غير المتداول في الألسنة والكتب المعروفة كما نبه على ذلك في " البداية " حيث قال: " وقد يطلق على الغريب اسم الشاذ، والمشهور المغايرة بينهما على ما ستعرفه في تعريف الشاذ - انتهى ".
وأقول: الوجه في مغايرة الغريب المذكور للشاذ هو ما مر في تفسير المفرد من وجه مغايرته للشاذ فلا حظ وتدبر. بقي هنا شئ وهو أن من الغريب بقول مطلق متنا، ما اشتمل على بيان أمر أو حكم أو طرز أو تفصيل غريب.
ومنها: الغريب لفظا وهو في عرف الرواة والمحدثين عبارة عن الحديث المشتمل متنه على لفظ خاص غامض بعيد عن الفهم لقلة استعماله في الشايع من اللغة وقد جعلوه قسما مستقلا في قبال الغريب بقول مطلق، محترزين بقيد اللفظ عنه وقالوا: إن فهم الحديث الغريب لفظا فن مهم من علوم الحديث يجب أن يتثبت فيه
(٤١)
مفاتيح البحث: الجماعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»