دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٤٧
على ما يطلع عليه غيره. أو تحريره لما لم يحرروه، وبالجملة فهو كالزيادة غير المنافية فيقبل. ذكر ذلك في " البداية " وغيرها.
ومنها: المختلف وضده الموافق، والوصف بالاختلاف والموافقة إنما هو بالنظر إلى صنف الحديث، دون الشخص، ضرورة أن الحديث الواحد نفسه ليس بمختلف ولا متفق، وإنما الاختلاف والاتفاق يتصور بين اثنين، والمراد هنا اختلاف المتنين وتوافقهما، وذلك غير المؤتلف والمختلف سندا، الذي يأتي التعرض له إن شاء الله.
تعالى.
وقد عرف المختلف في " البداية " وغيرها، بأنه أن يوجد حديثان متضادان في المعنى ظاهرا، سواء تضادا واقعا أيضا كأن يمكن التوفيق بينهما بوجه، أو ظاهرا فقط كأن يمكن الجمع بينهما. فالمختلفان في اصطلاح الدراية هما المتعارضان في اصطلاح الأصوليين، والمتوافقان خلافه.
وقد صرح أهل الدراية بأن حكم الحديث المختلف، الجمع بينهما إن أمكن، ولو بوجه بعيد يوجب تخصيص العام منهما، أو تقييد مطلقه، أو حمله على خلاف ظاهره.
وإن لم يمكن الجمع، فإن علمنا أن أحدهما ناسخ، قدمناه، وإلا رجح أحدهما على الآخر بمرجحه المقرر في الأصول، من صفة الراوي، والكثرة، والمخالفة العامة، وغيرها.
كذا قالوا، وهو موجه، إلا في الجمع بالحمل على خلاف الظاهر، فإنه لا يرتكب إلا مع قرينة عليه في الأخبار لما قررناه في الأصول من عدم تمامية كلية قاعدة تقدم الجمع على الطرح، وأنها إنما تسلم في الجمع بحمل العام على الخاص، أو المطلق على المقيد، أو الجمع الذي يساعد عليه فهم العرف، مثل الجمع بحمل الظاهر على النص، والظاهر على الأظهر، أو الجمع الذي عليه شاهد مفصل من الأخبار.
ثم إن الجمع بين المتعارضين من أهم فنون علم الحديث وأصعبها. أما الأهمية فلأنه يضطر إليه جميع طوائف العلماء سيما الفقهاء ولا يملك القيام به إلا المحققون من أهل البصائر، الجامعون بين الحديث والفقه والأصول، الغواصون على المعاني والبيان.
وأما الأصعبية فلأنه عمدة فنون الاجتهاد الذي هو أصعب من الجهاد بالسيف. وقد صنف العلماء في الجمع بين الأخبار كتبا كثيرة. وقد قيل إن أول من.
(٤٧)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»