دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٤٣
تصحيف السند والمتن حيث إن ذلك التصحيف إنما يعرض للبصر لتقارب الحروف لا للسمع إذ لا يلتبس عليه مثل ذلك.
والثاني: بأن يكون الاسم واللقب أو الاسم واسم الأب على وزن اسم آخر ولقبه، أو اسم آخر واسم أبيه والحروف مختلفة شكلا ونقطا فيشتبه ذلك على السامع مثل تصحيف بعضهم عاصم الأحول بواصل الأحدب، وخالد بن علقمة بمالك بن عرفطة، فإن ذلك لا يشتبه في الكتابة على البصر، وكذا إذا كاتب كلمة في المتن على وزن كلمة أخرى متقاربة الحروف نطقا مع الاختلاف شكلا في الكتاب.
ثم إن جمعا منهم قسموا التصحيف تقسيما آخر، فقالوا: إنه قد يكون في اللفظ نحو ما مر، وقد يكون في المعنى كما حكي عن أبي موسى محمد بن المثنى العنزي الملقب بالزمن، أنه قال: نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله (ص)، يريد بذلك ما روي من أنه صلى الله عليه وآله صلى إلى عنزة، وهي الحربة تنصب بين يديه سترة فتوهم أنه (ص) صلى إلى قبيلتهم بني عنزة أو إلى قريتهم المسماة بعنزة الموجودة الآن، وهو تصحيف معنوي عجيب، وأعجب منه ما حكاه الحاكم من علماء العامة عن أعرابي أنه زعم أنه (ص) صلى إلى شاة صحفها عنزة، ثم رواه بالمعنى على وهمه فأخطأ من وجهين.
تذييل: قد بان لك بالتأمل كون التصحيف في المقام أعم من التحريف، وفرق بعضهم بينهما، فخص اسم المصحف بما غير فيه النقط، وما غير فيه الشكل مع بقاء الحروف سماه بالمحرف وهو أوفق.
ومنها: العالي والنازل فالعالي من السند في الاصطلاح هو قليل الواسطة مع اتصاله، والنازل بخلافه، وتوضيح الحال في هذا المجال يستدعي رسم مطالب:
الأول: الاسناد من أصله من خواص هذه الأمة دون سائر الملل، فإن اليهود ليس لهم خبر مسند متصل إلى موسى (ع) بل يقفون على من بينه وبين موسى (ع) أكثر من ثلاثين عصرا، وإنما يبلغون إلى شمعون ونحوه، وكذا النصارى لا يمكنهم أن يصلوا في الأحكام مسندا إلى عيسى (ع) إلا في تحريم الطلاق وشرح ذلك يطلب من محله.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»