أشد تثبت لانتشار اللغة وقلة تميز معاني الألفاظ الغريبة، فربما ظهر معنى مناسب للمراد، والمقصود في الواقع غيره مما لم يصل إليه والخوض فيه صعب، حقيق بالتحري جدير بالتوقي، فليتحر خائضه وليتق الله تعالى في الإقدام على تفسير كلام النبي (ص) والأئمة (ع) بالحدس والتخمين. وقد صنف فيه جماعة من العلماء، وقد قال الحاكم من العامة: إن أول من صنف فيه النضر بن شميل [المتوفى 203] وقال: أبو عبيدة معمر بن المثنى [المتوفى 210]، ثم النضر، ثم الأصمعي (1) وألف بعدهما أبو عبيد القاسم بن سلام [المتوفى 234] بعد سنة المائتين، ثم تتبع أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري [المتوفي 276] ما فات أبا عبيد ثم تتبع أبو سليمان الخطابي [المتوفى 388] ما فاتهما ونبه على أغاليط لهما، فهذه أمهاته، ثم ألف بعدهم غيرهم كتبا كثيرة فيها زوائد وفوائد كمجمع الغرائب لعبد الغافر الفارسي، [المتوفى 529] و " غريب الحديث " لقاسم السرقسطي [المتوفي 302] و " الفائق " للزمخشري [المتوفي 538] و " الغريبين " للهروي [المتوفى 401] ثم " النهاية " لابن الأثير فإنه بلغ بها النهاية، وهي أحسن كتب الغريب وأجمعها وأشهرها الآن وأكثرها تداولا ومع ذلك فقد فاته الكثير. وصنف البحر المواج الشيخ الطريحي في ذلك " مجمع البحرين " وحسنه غني عن البيان.
ومنها: المصحف وهو ما غير بعض سنده أو متنه بما يشابهه أو يقرب منه.
فمن الأول وهو تصحيف السند: تصحيف بريد، بيزيد وتصحيف حريز، بجرير، ونحو ذلك. ومن الثاني: أعني تصحيف المتن: تصحيف ستا، اسم عدد بكلمة شيئا، في حديث " من صام رمضان وأتبعه شيئا من شوال " وكذا تصحيف خزف بخرق، وتصحيف احتجر بمعنى اتخذ حجرة من حصير أو نحوه يصلي عليها، في حديث أن النبي (ص) احتجر بالمسجد، باحتجم، ونحو ذلك من التصحيفات.
ثم إن متعلق التصحيف إما البصر أو السمع. والأول مثل ما ذكر من أمثلة