* * * المطلب السادس: أنه صرح جمع بأنه ينبغي للشيخ أن لا يروي الحديث بقراءة لحان ولا مصحف، بل لا يتولاه إلا متقن اللغة والعربية ليكون مطابقا لما وقع من النبي والأئمة صلوات الله عليهم، ويتحقق أداؤه كما سمعه امتثالا لأمر الرسول صلى الله عليه وآله. وفي صحيحة جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
" أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء ".
وينبغي لمن يريد قراءة الحديث أن يتعلم قبل الشروع فيه من العربية واللغة ما يسلم به من اللحن، ولا يسلم من التصحيف بذلك، بل بالأخذ من أفواه الرجال العارفين بأحوال الرواة وضبط أسمائهم، وبالروايات وضبط كلماتها. وإذا أحرز لحنا أو تصحيفا فيما تحمله من الرواية وتحقق ذلك، ففي كيفية روايته لها قولان:
فالأكثر على أنه يرويه على الصواب لا سيما في اللحن الذي لا يختلف المعنى به، ويقول روايتنا كذا أو يقدم الرواية الملحونة أو المصحفة ويقول بعد ذلك، وصوابه كذا.
وعن ابن سيرين وعبد الله بن شخير، وأبي معمر وأبي عبيد القاسم بن سلام أنه يرويه كما سمعه باللحن والتصحيف الذي سمعه، ورده ابن الصلاح وغيره بأنه غلو في اتباع اللفظ والمنع من الرواية بالمعنى.
وهناك قول ثالث يحكى عن عبد السلام وهو ترك الخطأ والصواب جميعا.
أما الصواب فلأنه لم يسمع كذلك، وأما الخطأ فلأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقله كذلك.
وأقول: فالأولى أن يروي كما سمعه وينبه على كونه خطأ وكون الصواب كذا وكذا، حتى يسلم من شبهتي اخفاء الحكم الشرعي، ورواية ما لم يسمعه.
وأما إصلاح التحريف والتصحيف في الكتاب وتغيير ما وقع فيه فجوزه بعضهم، والأولى ما ذكره جمع من ترك التحريف والتصحيف في الأصل على حاله والتضبيب عليه وبيان صوابه في الحاشية، فإن ذلك أجمع للمصلحة وأنفى للمفسدة.
وقد يأتي من يظهر له وجه صحته، ولو فتح باب التغيير لجسر عليه من ليس بأهل وقد روي " أن بعض أصحاب الحديث رأي في المنام وكأنه قد ذهب شئ