دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٩٢
إذا اقترن بقرينة تدل السامع على المراد، فلا يضر نقله بالمعنى، فإنه ليس بمتشابه عند السامع، بل هو كأحد الظواهر، فلا يضر تغييره. وإن لم يقترن بقرينة فحمله على أحد المعاني المحتملة من دون علم من جانب الشارع باطل، ولا معنى لاشتراط المساواة في الخفاء والجلاء بل الشرطان السابقان يكفيان مؤونة ذلك.
ثم قال: " نعم لو أريد مثل ما لو نقل غير السامع من الرواة الوسائط، وأداه بمعنى أدى إلى اجتهاده بملاحظة سائر الأخبار والأدلة: فهو كذلك، إذ ربما كانت الرواية في الأصل متشابهة بالنسبة إلى السامع أيضا والحكمة اقتضت ذلك، أو الحكمة اقتضت أن يوصل إلى المراد بالاجتهاد والفحص، فحينئذ لابد للناقل من ذكر اللفظ المتشابه وتعقيبه بالتفسير الذي فهمه. وهذا ليس من باب النقل بالمعنى، بل هو مسألة أخرى ذكروها بعنوان آخر وسنشير إليها، اللهم إلا أن يكون المراد أنه لو أدى المعصوم المطلوب بلفظ متشابه بالذات، مبين للسامع بانضمام القرائن فيجب على الناقل ذكر هذا اللفظ المتشابه وإن عقبه ببيان ما قارنه بالعرض من القرينة المبينة له بانضمام أحوال التحاور والتخاطب بناء على الفرق بين أقسام الدلالات مثل ما حصل من المشترك مع القرينة أو من اللفظ الآحادي المعنى ".
ثم قال: " ويظهر من ذلك أنه ينبغي مراعاة النص والظاهر أيضا، بل وأقسام الظواهر إذ في عدم مراعاة ذلك يحصل الاختلال في مدلول الأخبار، فإذا ذكر الإمام لفظ القرء في بيان العدة وفهم الراوي بقرينة المقام الطهر مثلا، فلا يروي الحديث بلفظ الطهر، إذ ربما كان فهم الراوي خطأ لاشتباه القرينة عليه، فلو أراد بيان ذلك فليذكر لفظ القرء ثم يفسره بما فهمه، وكذا في النص والظاهر، مثلا إذا قال الإمام عليه السلام لو بقي من اليوم بمقدار صلاة العصر فهو مختص به، فنقله الراوي بقوله إذا بقي من اليوم بمقدار أربع ركعات العصر فهو مختص به مريدا به صلاة العصر أيضا، لم يجز ذلك إذ يتفاوت الأمر بين اللفظين بملاحظة الشمول صلاة العصر لركعتي المسافر وأقل منه كصلاة الخوف وأمثال ذلك وكذلك في صلاة العشاء ونصف الليل.
ومن أجل ذلك الفرق انفردت في هذه المسألة عن الأصحاب في جواز الإتيان
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»