دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٨٥
رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: استعن بيمينك - وأومأ بيده إلى الخط ".
ومنها: ما أسنده الرامهرمزي عن رافع بن خديج قال: " قلت له صلوات الله عليه: يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها؟ قال: اكتبوا ذلك ولا حرج ".
الثاني: أن من اللازم على كتاب الحديث صرف الهمة إلى ضبطه وتحقيقه شكلا ونقطا حتى يؤمن معهما اللبس بكلمة أخرى مغيرة للحديث ليؤديه كما سمعه ولا يكون قد كذب من حيث لا يشعر على المعصوم عليه السلام، والمراد بالنقط ظاهر وهو تميز المهمل عن المعجم وذي النقطة الواحدة عن ذي النقطتين كالباء والياء وذي النقطة من فوق عن ذي النقطة من تحت كالياء والتاء. وبالشكل تقييد الإعراب سيما حيث يقع الاشتباه بغيره.
قيل: كتب بعض الخلفاء إلى عامل له ببلد أن أحص المحسنين أي بالعدد فصحفها بالمعجمة فخصاهم.
ثم إن رجحان ضبط الشكل والنقط يعم ما يلتبس وما لا يلتبس وإن كان في الأول أرجح، وما نقل عن بعض أهل العلم من كراهية الإعجام والإعراب في الثاني غلط، والتعليل بعدم الحاجة إليها عليل، فإنه مع الإعجام والإعراب ينفع كل أحد حتى غير المتبحر في العلم بخلافه مع عدمهما، فإن غير المتبحر لا يميز ما يشكل مما لا يشكل، ولا صواب وجه إعراب الكلمة عن خطائه، وتعميم النفع للجميع أولى.
وأيضا فالإعجام والإعراب إتقان، فيندرج فيما يروى من قوله صلوات الله عليه: " رحم الله امرءا عمل عملا فأتقنه ".
وربما جعل بعضهم الأولى في المشكل مضافا إلى ضبطه في نفس الكتاب كتابته مضبوطا واضحا في الحاشية قبالته أيضا، لأن ذلك أبلغ، لأن المضبوط في نفس الأسطر ربما داخله نقط غيره وشكله مما فوقه أو تحته لا سيما عند ضيق الأسطر ودقة الخط، فإذا كتبه في الحاشية أيضا مضبوطا واضحا أمن من الاشتباه، وأوضح من ذلك أن يقطع حروف الكلمة المشكلة في الهامش لأنه يظهر شكل الحرف بكتابته مفردا في بعض الحروف كالنون والياء التحتانية بخلاف ما إذا كتبت الكلمة كلها.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»