سوى الانتساب إلى البلدان والقرى فانتسبوا إليها كالعجم فاحتاجوا إلى ذكرها.
فالساكن ببلد وإن قل ينسب إليه، وقيل: يشترط سكناه أربع سنين بعد أن كان قد سكن بلدا آخر، وحينئذ ينسب إلى أيهما شاء أو ينسب إليهما معا مقدما للأول من البلدين، ويحسن عند ذلك ترتيب البلد الثاني بثم فيقول: مثلا البغدادي ثم الدمشقي.
والساكن بقرية بلد بناحية إقليم ينسب إلى أيها شاء من القرية والبلد والناحية والإقليم. فمن هو من أهل جبع مثلا، له أن يقول في نسبته: الجبعي أو الصيداوي أو الشامي، ولو أراد الجمع بينها فليبدء بالأعم فيقول: الشامي الصيداوي الجبعي ليحصل بالتالي فائدة لم تكن لازمة في المقدم، وكذا يبدء في النسبة إلى القبائل بالأعم فيقال: القرشي الهاشمي، إذ لو عكس لم يبق للثاني فائدة.
ومنها: معرفة من ذكر بأسماء أو صفات مختلفة من كنى أو ألقاب أو أنساب، إما من جماعة من الرواة عنه يعرفه كل واحد بغير ما عرفه الآخر، أو من راو واحد عنه يعرفه مرة بهذا ومرة بذاك، فيلتبس على ما لا معرفة عنده بل على كثير من أهل المعرفة والحفظ.
وهو فن عريض تمس الحاجة إليه لمعرفة التدليس، وأمثلته كثيرة لا تخفى على من لاحظ باب الأسماء والألقاب والكنى من كتب الرجال، فتراهم يتعرضون لترجمة الرجل تارة في الأسماء وأخرى في الكنى وثالثة في الألقاب، وكفاك في ذلك مثالا: سالم الذي يروي عن أبي سعيد الخدري، فإنه يعبر عنه تارة بأبي عبد الله المدني، وأخرى بسالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النضري، وثالثة بسالم مولى شداد بن الهاد النضري، ورابعة بسالم مولى المهري، وخامسة بسالم سبلان، وسادسة بسالم أبي عبد الله الأوسي، وسابعة بسالم مولى دوس، وثامنة بأبي عبد الله مولى شداد والمراد بالكل واحد، فينبغي التفطن والفحص والعناية بذلك حتى لا يذكر الراوي مرة باسمه وأخرى بكنيته، فيظنهما من لا معرفة له رجلين.
وربما جعل بعضهم ذلك أقساما:
أحدها: من سمي بالكنية ولا اسم له غيرها وله كنية أخرى كأبي بكر بن - عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن.