دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٩٣
بصلاة المغرب والعشاء كليهما إذا بقي من نصف الليل مقدار أربع ركعات. فإنهم يخصونه بالعشاء وأنا أجمع بينهما لما استفاض من النقل الصحيح من أن من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت كله، فيصدق على هذا أنه أدرك وقت الصلاتين وإن لم يدرك وقت الثلاث والأربع.
وبالجملة فلابد لناقل الحديث بالمعنى من ملاحظة العنوانات المتواردة على مصداق واحد مع اختلاف الحكم باختلافها، وملاحظة تفاوت الأحكام بتفاوت العنوانات أهم شئ للمجتهد في المسائل الشرعية فبأدنى غفلة يختل الأمر ويحصل الاشتباه.
هذا، وأما ضبط مراتب الوضوح والخفاء بالنسبة إلى مؤدي الألفاظ فهو ما يصعب إثبات اشتراطه، إذ الظاهر أن المعصوم إنما يقصد من الأخبار غالبا تفهيم المخاطب ورفع حاجته في الموارد الخاصة المحتاج إليها بحسب اتفاق الوقايع التي دعتهم إلى السؤال عنه عليه السلام أو علم المعصوم احتياجهم إليها. فهم يتكلمون مع أصحابهم بقدر فهمهم، لا أنهم يتكلمون على معيار خاص يكون هو المرجع والمعول حتى يعتبر نقله للآخر ذلك المقدار، بل الناقل للغير أيضا لابد أن يلاحظ مقدار فهم مخاطبه لا كل مخاطب وهكذا، فنقل المطلوب بعبارة أوجز إذا كان المخاطب المعيا فطنا ذكيا لا مانع منه، وكذلك نقله أبسط وأوضح إذا كان بليدا غبيا - انتهى " ولقد أجاد الفاضل وأفاد وأتى بما هو الحق المراد.
الأمر الثاني: أن محل النزاع إنما هو نقل أحاديث الأحكام بالمعنى، وأما مثل الأحاديث الواردة في الأدعية والأذكار والأوراد فلا كلام ظاهرا في عدم جواز نقلها بالمعنى ولا تغييرها بزيادة ولا نقصان، لأن لترتيب الألفاظ فيها خصوصية، وقراءتها على ما وردت تعبدية توقيفية.
وطريقة النبي والأئمة صلوات الله عليهم في ذلك غالبا أنهم كانوا يملون على أصحابهم وهم يكتبون، ولذلك ندر الاختلاف فيها بخلاف الأخبار.
وأوضح من الأدعية في عدم جواز نقلها بالمعنى كلام الله تعالى بعنوان أنه قرآن لما علم من خصوصية ترتيبه وأسلوبه.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»