دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٨٨
وقيل: إنها رمز التحويل من إسناد إلى إسناد، وقيل: هي رمز حائل لأنها تحول بين إسنادين، وقيل هي رمز الحديث.
السابع: أنه ينبغي في كتابة التسميع أن يكتب الطالب بعد البسملة اسم الشيخ المسمع ونسبه وكنيته بأن يكتب حدثنا فلان بن فلان الفلاني قال:
حدثنا فلان، ثم يسوق المسموع على لفظه ويكتب فوق البسملة أسماء السامعين وأنسابهم وتاريخ وقت السماع أو يكتبه في حاشية أول ورقة من الكتاب أو آخر الكتاب أو موضع آخر حيث لا يخفى منه، وإن كان السماع في مجالس عديدة كتب عند انتهاء السماع في كل مجلس: بلغ.
وينبغي أن يكون ذلك بخط ثقة معروف الخط، وإذا كان الشيخ هو السامع كتب علامة البلاغ بخط نفسه، وعلى كاتب التسميع التحري في ذلك والاحتياط، وبيان السامع والمسمع والمسموع بلفظ غير محتمل، ومجانبة التساهل فيمن يثبته والحذر من إسقاط بعض السامعين لغرض فاسد، فإن ذلك مما يؤديه إلى عدم انتفاعه بما سمع، فإن لم يحضر مثبت السامع ما سمع، فله أن يعتمد في إثباته في حضورهم على خبر ثقة حضر ذلك.
ومن ثبت في كتابه سماع غيره فلا يكتمه، ولا يمنع نقل سماعه منه ولا نسخ الكتاب فإن أول بركة الحديث إعارة الكتب، وقد قيل: إن من بخل بالعلم ابتلي بأحد ثلاث: أن ينساه، أو يموت ولا ينتفع به؟ أو تذهب كتبه، وقد ذم الله تعالى في كتابه مانع عارية الماعون بقوله " ويمنعون الماعون " وإعارة الكتب أهم من إعارة الماعون ولا يبطئ المستعير بكتاب المعير إلا بقدر حاجته.
المقام الرابع: في كيفية رواية الحديث وما يتعلق بذلك، وفيه مطالب:
الأول: أن أهل هذا الفن قد اختلفوا فيما يجوز به رواية الحديث، ففرط فيه قوم وتساهلوا وجوزوا الرواية بكل من الوجادة والإعلام والوصية كما مر. وأفرط فيه آخرون وبالغوا في التشديد، وقالوا: إنه لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه وذكره.
حكي ذلك عن مالك وأبي حنيفة وبعض الشافعية، وقد سئل مالك أيؤخذ العلم ممن لا يحفظ حديثه وهو ثقة. فقال: لا، فقيل له إن أتى بكتب فقال: سمعتها وهو ثقة.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»