فقال: لا يؤخذ عنه.
وهناك قول ثالث، وهو جواز الاعتماد على الكتاب في رواية ما سمعه ولم يحفظه بشرط بقائه في يده، فلو أخرجه عن يده ولو بإعارة ثقة لم تجز الرواية منه لغيبته عنه المجوزة للتغيير.
ورابع هو جواز الاعتماد في رواية ما سمعه ولم يحفظه على الكتاب وإن اخرج من يده مع أمن التغيير والتبديل والدس، وعدم جواز الاعتماد مع عدم أمن ذلك، وهذا هو القول الفصل الذي استقر عليه عمل الأكثر وساعده الدليل، فإن الاطمئنان مرجع كافة العقلاء في جميع أمور معاشهم ومعادهم، ورواية الحديث من جملتها. فيجوز بنائها على ما يطمئن بكونه ما سمعه من شيخه. والتزام أزيد من ذلك يؤدي إلى العسر والحرج وتعطيل الاحكام كما أن تجويز الرواية بدون ذلك يؤدي إلى تضييع الأحكام، ولذا أن المفرطين بتجويز الرواية من نسخة غير مقابلة بأصول، كتبوا بذلك في طبقات المجروحين.
الثاني: عدم اعتبار البصر في راوي الحديث، فيجوز للضرير الذي عرض له عدم البصر والذي يولد غير بصير رواية الحديث الذي تحمله وحفظه، ولو لم يحفظ الأعمى ما سمعه من فم من حدثه، لم يجزله الرواية إلا أن يستعين بثقة في ضبط سماعه وحفظه كتابته عن التغيير، ويحتاط عند القراءة عليه على حسب حاله حتى يغلب على ظنه سلامته من التغيير، فإنه تصح حينئذ روايته. ومثله الأمي الذي لا يقرء الخط ولم يحفظ ما سمعه.
ومن منع من رواية البصير الذي ضبط كتابه قبل العمى وإن استعان بثقة في قراءة ذلك الكتاب عليه، يلزمه المنع من رواية الضرير إذا استعان بكتاب الثقة.
لكن المنع قد عرفت سابقا ما فيه، لأن مدار العالم ومجرى عادة بني آدم على الاعتماد على الاطمئنان، فإذا حصل للأعمى الاطمئنان بروايته جاز له أن يرويها على الأشهر الأقوى.
الثالث: أنه إذا سمع الثقة كتابا ولم يحفظه وأراد روايته فإن روى من النسخة التي سمعها وقابلها وضبطها فلا كلام، وكذا إن روى من نسخة قوبلت