دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٩٠
بنسخة سماعه مقابلة موثوقا بها، وإن أراد الرواية من نسخة لم يسمعها بعينها ولم تقابل بنسخة سماعه أيضا لكنها سمعت على شيخه الذي سمع هو عليه، أو فيها سماع شيخه على الشيخ الأعلى، أو كتبت عن شيخه وسكنت نفسه إليها، فإن كانت له من شيخه إجازة عامة لمروياته، فلا ينبغي التأمل أيضا في صحة روايته لها، إذ ليس فيها حينئذ أكثر من رواية الزيادة على مسموعاته إن كانت بالإجازة، وإن لم تكن له إجازة عامة فإن وثق هو بعدم مغايرتها لنسخة سماعه جازت له روايتها أيضا لعدم المانع، وإن لم يثق بذلك فالمعزي إلى عامة الحدثين المنع من روايته لها، لاحتمال أن تكون فيها رواية ليست في نسخة سماعه، ومجرد كونها مسموعة عن شيخه أو شيخ شيخه لا ينفع بعد عدم إجازة عامة له تشمل روايته لمثلها حتى تسوغ له الرواية لها، فتدبر جيدا.
الرابع: أنه إذا وجد الحافظ للحديث في كتابه خلاف ما في حفظه، فإن كان مستند حفظه ذلك الكتاب رجع إليه، لأنه الأصل وتبين أن الخطأ من قبل الحفظ.
وإن كان حفظه من فم شيخه اعتمد حفظه إن لم يشك. والأحسن أن يجمع حينئذ بينهما في روايته، بأن يقول: حفظي كذا وفي كتابي كذا، منبها على الاختلاف لاحتمال الخطأ على كل منهما.
النقل بالمعنى الخامس: أن من لم يكن عالما بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها، خبيرا بما يخل معانيها بصيرا بمقادير التفاوت بينها، لا يجوز له أن يروي الحديث بالمعنى بل يقتصر على رواية ما سمعه باللفظ الذي سمعه بغير خلاف. كما في البداية وغيرها. وإنما وقع الخلاف في أن العالم بذلك كله هل يجوز له النقل بالمعنى أم لا على قولين.
أحدها: الجواز إذا قطع بأداء المعنى تماما وعدم سقوطه بذلك عن الحجية، وهو المعروف بين أصحابنا والمعزي إلى جمهور السلف والخلف من الطوائف، بل في " القوانين ": أنه لا خلاف فيه بين أصحابنا وأن المخالف بعض العامة. ونفى في " الفصول " معرفة الخلاف في ذلك بين أصحابنا، قال: وعليه أكثر مخالفينا.
ثانيها: المنع منه مطلقا، عزاه بعض العامة إلى طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول وآخر إلى ابن سيرين وثعلب وأبي بكر الرازي من الحنفية وابن عمر.
(١٩٠)
مفاتيح البحث: الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»