دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٧٧
عند شيخه عملا بمقتضى لفظه وتقييده. فينبغي التنبه لذلك وأشباهه. فقد زل في ذلك أقدام أقوام.
الثاني: أنهم قالوا: إنما تستحسن الإجازة مع علم المجيز بما أجازه وكون المجاز له من أهل العلم أيضا، لأنها توسع وترخيص يتأهل له أهل العلم لمسيس حاجتهم إليها، قال عيسى بن مسكين: " الإجازة رأس مال كبير ". واشترط بعضهم في صحتها العلم. والأشهر عدمه. وعن ابن عبد البر أنه قال: " الصحيح أنها لا يجوز إلا لماهر بالصناعة في شئ معين لا يشكل إسناده ".
الثالث: أنه صرح جمع بأنه ينبغي للمجيز بالكتابة أن يتلفظ بالإجازة أيضا ليتحقق الإخبار أو الإذن اللذين حقيقتهما التلفظ، فإن اقتصر على الكتابة ولم يتلفظ مع قصد الإجازة صحت بغير لفظ كما صحت الرواية بالقراءة على الشيخ مع أنه لم يتلفظ بما قرئ عليه.
تذييل: صرح جماعة بعدم اشتراط القبول في الإجازة، نعم يقدح فيها كل من الرد من المجاز ورجوع المجيز عند بعضهم ولا يقدح عند آخر، وربما بنى ذلك ثالث على أن الإجازة إن كانت إخبارا لم يضر الرد ولا الرجوع، وإن كانت إذنا وإباحة أضر الرد والرجوع كما في الوكالة.
رابعها (أي رابع أقسام التحمل): المناولة: وهي أن يناول الشيخ الطالب كتابا. قيل: والأصل فيها أن رسول الله صلى الله عليه وآله كتب لأمير السرية كتابا وقال لا تفرئه حتى تبلغ مكان كذا وكذا، فلما بلغ ذلك المكان قرأه على الناس وأخبرهم بأمر النبي صلى الله عليه وآله.
وهي ضربان: مقرونة بالإجازة ومجردة عنها.
أما الأول: وهي المناولة المقرونة بالإجازة فهي على أنواع الإجازة على الإطلاق، وادعى عياض (1) الاتفاق على صحتها حتى أنكر بعضهم إفرادها عنها لرجوعها إليها، وإنما يفترقان في أن المناولة تقترن إلى مشافهة المجيز للمجاز له وحضوره دون الإجازة، وقيل إنها أخص من الإجازة لأنها إجازة مخصوصة في كتاب بعينة

(1) يعنى به صاحب الإلماع القاضي عياض.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»