دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٧٤
قرء عليه.
وقد كان السلف يسمعون من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وغيرهن من النساء من وراء الحجاب ويروون عنهن اعتمادا على الصوت.
ثالثها: (أي ثالث طرق تحمل الحديث): الإجازة. والمعروف أن الإجازة بمعنى الإذن والتسويغ، وعلى هذا فتقول له: أجزت له رواية كذا كما تقول: أذنت له وسوغت له، وقد يحذف المضاف الذي هو متعلق الإذن فتقول: أجزت له مسموعاتي مثلا من غير ذكر الرواية على وجه المجاز بالحذف، وحكي عن القسطلاني في المنهج أن الإجازة مشتقة من التجوز وهو التعدي، فكأنه عدى روايته حتى أوصلها إلى الراوي عنه. وإذ قد عرفت ذلك فهنا مطالب: الأول:
أنه قد وقع الخلاف في جواز تحمل الرواية بالإجازة، وجواز أدائها والعمل بها، فالمشهور بين العلماء من المحدثين والأصوليين - كما في البداية وغيرها - الجواز، وادعى جماعة الإجماع عليه، نظرا إلى شذوذ المخالف.
الثاني: أن الإجازة تتصور على أقسام كثيرة لأنها تارة بالقول الصريح كقوله أجزت لك رواية الحديث الفلاني مثلا عني، وأخرى بالقول الظاهر كقوله: لا أمنع من روايتك الحديث الفلاني، وثالثة بالقول المقدر كقوله نعم، عند السؤال عنه بقول: أجزتني أو أجزت فلانا أو أجزني أو أجزه وهكذا، ورابعة بالإشارة وخامسة بالكتابة.
وقد تعارف تقسيمها إلى أربعة أضرب أو سبعة أو تسعة. ففي البداية أنها تتنوع أنواع أربعة لأنها إما أن تتعلق بأمر معين لشخص معين، أو عكسه، أو بأمر معين لغيره ونحن نتعرض للتسعة فنقول:
1 - أن يجيز معينا لمعين كأجزتك، أو أجزتكم، أو أجزت فلانا الكتاب الفلاني، أو ما اشتمل عليه فهرستي هذا، أو كتابي هذا، وهذا الضرب أعلى اضرب الإجازة لانضباطها بالتعيين، حتى زعم بعضهم أنه لا خلاف في جوازها، وإنما الخلاف في غير هذا النوع، وادعى أبو الوليد الناجي وعياض الإجماع على جواز الرواية والعمل بها وإن كان فيه تعميم بعض المخالفين المنع لهذا الضرب أيضا كما لا يخفى على من راجع كلماتهم.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»