رواته وعدالتهم وأنه هل زيد في الحديث شئ أو نقص أم لا. فلا يصدق المحدث على من ليس له الا مجرد سماع الحديث أو تحمله بل خصوص من له علم بهذا الشأن.
قال الشيخ فتح الدين من العامة: " ان المحدث في عصرنا من اشتغل بالحديث رواية ودراية، واطلع على كثير من الرواة والروايات في عصره، وتميز في ذلك حتى عرف فيه خطه واشتهر فيه ضبطه - إلى أن قال -: وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من قولهم: " كنا لا نعد صاحب حديث من لم يكتب عشرين ألف حديث في الاملاء " فذلك بحسب أزمنتهم ".
وأما " الحافظ " ففيه وجوه:
أحدها ما عن الشيخ فتح الدين من أن المحدث بالمعنى الذي سمعت منه: أن من عرف شيوخه وشيوخ شيوخه طبقة بعد طبقة بحيث يكون ما يعرفه من كل طبقه أكثر ممن يجهله منها فهو الحافظ.
ثانيها: أنه مطلق العارف بالحديث والمتقن له، لأن الحفظ المعرفة والإتقان، نقل عن عدة من محدثي العامة.
ثالثها: ما يظهر من بعض محدثي العامة من استواء المحدث والحافظ وقد حكي أن السلف كانوا يطلقون المحدث والحافظ بمعنى. والحق أن الحافظ أخص من المحدث مطلقا، وعن أبي نصر الشيرازي " أن العالم: الذي يعلم المتن والإسناد جميعا، والفقيه:
الذي عرف المتن ولا يعرف الاسناد، والحافظ: الذي يعرف الإسناد ولا يعرف المتن، والراوي، الذي لا يعرف المتن ولا الإسناد ".
وعن بعضهم: أن علوم الحديث الآن ثلاثة أشرفها حفظ متونه ومعرفة غريبها وفقهها، والثاني: حفظ أسانيدها ومعرفة رجالها وتميز صحيحها من سقيمها.
والثالث: جمعه وكتابته وسماعه وتطريقه وطلب العلو فيه والرحلة إلى البلدان - إلى أن قال: - " فإن كان الاشتغال بالأول مهما فالاشتغال بالثاني أهم لأنه المرقاة إلى الأول، فمن أخل به خلط السقيم بالصحيح والمعدل بالمجروح، وهو لا يشعر فكل منهما في علم الحديث مهم. ولا شك أن من جمعهما حاز القدح المعلى مع قصوره فيه إن أخل بالثالث، ومن أخل بهما فلاحظ له في اسم الحافظ ومن أحرز الأول وأخل بالثاني.