وجاء في توضيح الأفكار المجلد الأول ص 353 و 354، ان جميع هؤلاء الأئمة المشاهير من رواة الصحيحين، ولذلك فقد اعتذر المحدثون عنهم بان تدليسهم يرجع إلى ابهام الراوي، ومثل ذلك لا يوجب تجريحهم بالكذب والاغراء ونحو ذلك مما يخل بوثاقتهم، وحاول بعضهم اخراج مرويات هؤلاء من التدليس، وادخالها في المرسل، وحجتهم في ذلك أن التدليس يختص بمن روى عمن لاقاه ولم يسمع منه، فان روى شخص عمن عاصره ولم يلتق به، فالرواية من المرسل (1).
وقال الخطيب البغدادي في الكفاية، في معرض التفرقة بين المدلس والمرسل ان الراوي لو بين انه لم يسمع الحديث من الراوي الذي دلسه منه وكشف ذلك يصبح الحديث مرسلا غير مدلس فيه، لان الارسال لا يرافقه الابهام من طرف المرسل بأنه قد سمع الحديث ممن لم يسمع منه، وانه قد التقى به، والتدليس الذي نقلناه عن هؤلاء يتضمن الارسال لا محالة، من حيث إن المدلسين قد أمسكوا عن ذكر من دلسوا عنه، ويفترق هذا النوع عن المرسل من ناحية انهم أبهموا السماع ممن لم يسمعوا منه لا غير، ولم يظهر منهم ايهام السامع بأنهم قد التقوا بالراوي وسمعوا منه، والذي يوهن الحديث المدلس فيه، ملازمة التدليس لايهام السامع انه قد سمع ممن لم يسمع منه، ولأجل ذلك ذم العلماء من دلس في الحديث، ولم يذموا من أرسله (2).
لقد حاول المؤلفون في علم الحديث بهذا اللف والدوران تنقية اخبار الصحيحين من الضعف، ودفع جميع الشبه والشكوك التي تحوم حولهما ولو بالمغالطات والتحملات، حتى كأنهما من كتب الله المنزلة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، مع العلم بان مؤلفيها من