والتقسيم الأولي للصحيح لا يعدو هذين القسمين، الصحيح لذاته والصحيح لغيره فالصحيح لذاته هو الذي يتمتع رواته بأفضل الصفات وأكرمها، والصحيح لغيره هو المحكوم بصحته لأمر خارج عنه كالحديث الحسن الذي يقترن بما يوجب صحته، أو بما يؤكد صدوره عن النبي (ص) أو غيره من الصحابة.
ونص النووي في كتابه قواعد التحديث، ان للصحيح أقساما سبعة أعلاها ما اتفق عليه البخاري ومسلم، ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما كان جامعا لشروطهما في الصحيح، وان لم يدوناه في صحاحهما، ثم ما كان على شرط البخاري في الرواية، ويأتي من بعده ما كان على شرط مسلم، والنوع الأخير ما صححه غيرهما من المؤلفين في الحديث.
وقال ابن تيمية: ان أهل العلم قد اتفقوا على أن أصح الأحاديث ما رواه أهل المدينة ثم ما رواه أهل البصرة، ثم ما رواه أهل الشام وتجاهل أكثرهم مرويات الكوفيين، ووصفها بعضهم بكثرة الدغل وعدم السلامة من العلل، ولعل من أبرز أسباب هذا التنكر لمرويات الكوفيين هو التشيع الغالب على أهلها، والشيعة عند أكثر المحدثين من السنة مبتدعة وضاعون كذابون على حد تعبيرهم يغلب على حديثهم الدغل والخلل اما أحاديث الشاميين فهي أصح من أحاديثهم، لان رواتها قد تخرجوا من مدرسة معاوية وآل مروان الأئمة البررة، وتلمذوا على أبي هريرة راوية الأمويين وصنيعة معاوية بن أبي سفيان الحريص على مصلحة الاسلام، والمحتاط في أمور الدين ومصالح المسلمين.