لأنها لا تنفك عن التجسيم الذي لا يقره العقل ولا الكتاب الكريم الذي ينص على إنه " لا تدركه الابصار ولا يحيطون به علما " وكيف تتفق هذه الآية مع رواية أبي هريرة التي تنص على أن الله يضع رجله في جهنم ليفي لها بوعده، فتمتلئ عند ذلك ويسكن غضبها، وكيف يرى كما يرى القمر ليلة تمامه والشمس ساعة تنجلي عنها السحب والغيوم، والله يقول: " لا تدركه الابصار ". وهل ينفك القول بان له ساقا عن انه جسم كبقية الأجسام المركبة من الساق والرجل واليد والعين وغير ذلك.
وكيف يضحك على من يرجوه طمعا في كرمه وجوده وأين تكون الدار التي يسكنها رب أبي هريرة، أفي السماوات أم في الأرض، وإذا كان يسكن في دار، ويحويه مكان معين، فقد خلت منه بقية الدور والأمكنة والجهات، وأصبح كسائر الممكنات التي لا توجد الا بأسبابها، تعالى عن ذلك علوا كبيرا. ومن الغريب ان البخاري قد دون هذه الأحاديث في صحيحه واختارها من ستمائة الف حديث كما يزعم كل من ترجمه وكتب عن صحيحه ودون إلى جانبها بعض المرويات التي تنص على أن الحديث الذي يصح الاعتماد عليه هو الذي يوافق كتاب الله ولا ينكره العقل، مع العلم بان الكتاب والعقل لا يقرآن شيئا من تلك المرويات ولا تتفق معهما الا بعد تأويلها والتأويل وإن كان ممكنا، وواقعا بالنسبة إلى بعض المرويات، ولكنه لا يتعين الا إذا كانت شروط الاعتماد على الرواية متنا وسندا متوفرة فيها، ولم يتوفر في هذه المرويات شئ من ذلك.
على أنه قد دون في ص 274 من المجلد الرابع ان السيدة عائشة قالت. من حدثكم ان محمدا رأى ربه فقد كذب، لان الله لا تدركه الابصار، ومن حدثكم انه يعلم الغيب فقد كذب، لأنه لا يعلم الغيب الا الله " وجاء في رواية ثانية عنها انها قالت لعامر بن مسروق وقد سألها عن