الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٨٣
عن الكتاب والسنة، وقد اجتهد في المسألة تجاه تلكم النصوص قال الجصاص في " أحكام القرآن " 1: 18: قال أصحابنا الحنفية جميعا رحمهم الله: يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة في كل ركعة من الأوليين، فإن ترك قراءة فاتحة الكتاب وقرأ غيرها فقد أساء وتجزيه صلاته. ا ه‍.
قال ابن حجر في فتح الباري: إن الحنفية يقولون بوجوب قراءة الفاتحة لكن بنوا على قاعدتهم إنها مع الوجوب ليست شرطا في صحة الصلاة لأن وجوبها إنما ثبت بالسنة والذي لا تتم الصلاة إلا به فرض والفرض عندهم لا يثبت بما يزيد على القرآن وقد قال تعالى: فاقرأوا ما تيسر منه. فالفرض قراءة ما تيسر، وتعين الفاتحة إنما يثبت بالحديث فيكون واجبا يأثم من يتركه وتجزئ الصلاة بدونه، وهذا تأويل على رأي فاسد، حاصله رد كثير من السنة المطهرة بلا برهان ولا حجة نيرة، فكم موطن من المواطن يقول فيها الشارع: لا يجزئ كذا، لا يقبل كذا، لا يصح كذا، و يقول المتمسكون بهذا الرأي يجزئ، ويقبل، ويصح، ولمثل هذا حذر السلف من أهل الرأي. ا ه‍.
وذكره الشوكاني في نيل الأوطار 2: 230.
ونظرا إلى الأهمية الواردة في قراءة أم الكتاب في الصلوات كلها، وأخذا بظاهر: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، ذهب من ذهب من القوم إلى وجوبها على المأموم أيضا مطلقا أو في الصلوات الجهرية، قال الترمذي في الصحيح 1: 42: قد اختلف أهل العلم في القراءة خلف الإمام، فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و التابعين من بعدهم القراءة خلف الإمام، وبه يقول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وروي عن عبد الله بن المبارك إنه قال: أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرأون إلا قوم من الكوفيين، وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة، وشدد قوم من أهل العلم في ترك قراءة فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام فقالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وحده كان أو خلف الإمام. ا ه‍.
وقد جاء مع ذلك عن عبادة بن الصامت مرفوعا: إني أراكم تقرأون وراء إمامكم فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأها.
وفي لفظ أبي داود: لا تقرؤا بشئ من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»