الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٩٤
لم يعزب عنهم ما وقع في ذلك العام، لكنهم شهدوا على التشريع الأخير الثابت.
ولو كان لقصة أبي قتادة مقيل من الصحة أو وزن يقام لما ترك عثمان الاحتجاج به لكنه كان يعلم أن الشأن فيها كما ذكرناه، وإن العمل قبل التشريع لا حجية له، وأفحمه الإمام عليه السلام بحجته الداحضة، فتوارى عن الحجاج في فسطاطه وترك الطعام على أهل الماء.
وأما حديث جابر فقد أخرجه غير واحد من أئمة الفقه والحديث ناصين على ضعفه من طريق عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيد البر لكم حلال وأنتم حرم إلا ما اصطدتم وصيد لكم (1) قال النسائي في سننه: أبو عبد الرحمن عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث وإن كان قد روى عنه مالك.
وقال ابن حزم في المحلى: أما خبر جابر فساقط لأنه عن عمرو بن أبي عمرو وهو ضعيف.
وقال ابن التركماني في شرح سنن البيهقي عند قول الشافعي: إن ابن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي (2): قلت: الدراوردي احتج به الشيخان وبقية الجماعة، وقال ابن معين:
ثقة حجة، ووثقه القطان وأبو حاتم وغيرهما، وأما ابن أبي يحيى فلم يخرج له في شئ من الكتب الخمسة، ونسبه إلى الكذب جماعة من الحفاظ كابن حنبل وابن معين وغيرهما، وقال بشر بن المفضل: سألت فقهاء المدينة عنه فكلهم يقولون: كذاب أو نحو هذا، وسئل مالك: أكان ثقة؟ فقال: لا ولا في دينه، وقال ابن حنبل: كان قدريا معتزليا جهميا كل بلاء فيه، وقال البيهقي في التيمم والنكاح: مختلف في عدالته.
ومع هذا كله كيف يرجح على الدراوردي؟.
قال: ثم لو رجع عليه هو ومن معه فالحديث في نفسه معلول عمرو بن أبي عمرو

(١) كتاب الأم ٢: ١٧٦، سنن أبي داود ١: ٢٩١، سنن النسائي ٥: ١٨٧، سنن البيهقي 5: 190، المحلى لابن حزم 7: 253.
(2) الرجلان وردا في طريقي الشافعي للحديث.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»