الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٨٨
أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء أعرابي ببيضات نعام وتتمير (1) وحش فقال: أطعمهن أهلك فإنا حرم؟ قالوا: بلى. فتورك عثمان عن سريره ونزل فقال: خبثت علينا.
وفي لفظ البيهقي: كان الحارث خليفة عثمان رضي الله عنه على الطائف، فصنع لعثمان رضي الله عنه طعاما وصنع فيه من الحجل واليعاقيب ولحوم الوحش قال: فبعث إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فجاء الرسول وهو يخبط لأباعر له، فجاءه وهو ينفض الخبط من يده فقالوا له: كل. فقال: أطعموه قوما حلالا فإنا قوم حرم، ثم قال علي رضي الله عنه: أنشد الله من كان هاهنا من أشجع، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله؟ قالوا: نعم.
وأخرج الطبري من طريق صبيح بن عبد الله العبسي قال: بعث عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحرث على العروض فنزل قديدا فمر به رجل من أهل الشام معه باز و سقر فاستعار منه فاصطاد به من اليعاقيب فجعلهن في حظيرة فلما مر به عثمان طبخهن ثم قدمهن إليه فقال عثمان: كلوا فقال بعضهم: حتى يجئ علي بن أبي طالب. فلما جاء فرأى ما بين أيديهم قال علي: إنا لا نأكل منه. فقال عثمان مالك لا تأكل؟ فقال: هو صيد لا يحل أكله وأنا محرم. فقال عثمان: بين لنا. فقال علي: " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ". فقال عثمان: أو نحن قتلناه؟ فقرأ عليه: أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما.
وأخرج سعيد بن منصور كما ذكره ابن حزم من طريق بسر بن سعيد قال: إن عثمان بن عفان كان يصاد له الوحش على المنازل ثم يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته، ثم إن الزبير كلمه فقال: ما أدري ما هذا يصاد لنا ومن أجلنا، لو تركناه فتركه.
قال الأميني: هذه القصة تشف عن تقاعس فقه الخليفة عن بلوغ مدى هذه المسألة، أو أنه راقه اتباع الخليفة الثاني في الرأي حيث كان يأمر المحرم بأكل لحم الصيد، ويحذر أهل الفتوى عن خلافه مهددا بالدرة إن فعل وسيوافيك

(1) التتمير: التقديد. والتتمير: التيبيس. والتتمير: أن يقطع اللحم صغار أو يجفف. واللحم المتمر: المقطع (لسان العرب).
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»