وأصحابه، فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء) (1).
وفي هذا البيان الشئ المدهش من إطفاء نار عواطفهم المتأججة ضد المهاجرين، وإشباع نهمة نفوسهم الفخورة المتطاولة بفضلهم، وجهادهم ونصرتهم، وتقريبها إلى المهاجرين للاعتراف بفضلهم عليهم، لأنه ليس أقوى على تخدير أعصاب الجماعة الهائجة من الذهاب مع تيار روحهم المندفعين بها، فأعطى لهم ما يسألون بلسان حالهم من الاعتراف بالفضل والجهاد وكل فخر يشعرون به متطاولين.
حقا لقد صدق وصدقوا، فإن لهم الفضل الذي لا ينكر، ولكنهم أخطأوا بزعمهم أن لهم بذلك حق الإمارة، وهنا نجد أبا بكر يريد أن يحولهم عن هذا الزعم، فيحذر أن يخدش عواطفهم بما ينقص منزلتهم ويحط من مقامهم، فعدل عن التصريح بكلمة الخطأ أو ما ينسق عليها من معناها، واتبع أسلوبا آخر من البيان وأنه لمن السحر المأثور فلم يزد على كلمة: " فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم والوزراء ". وفيها تنبيه على خطأهم من طرف خفي من دون التجاء إلى الكلمة التي بها تجرح عواطفهم وتثير الحزازات مع الثناء عليهم في نفس الوقت ثم إثبات الوزارة لهم.