عواطف الأوس على الخزرج. وقد صادف منهم نفوسا متهيئة الوثبة على سعد. حتى استمالهم إلى جانبه وهم يشعرون أو لا يشعرون. في حين أنهم يعلمون أن الأمر إذا كان للأنصار وأن تولاه رئيس الخزرج فهو إلى حيازتهم أقرب وإلى سلطانهم أدنى. ولكن للعاطفة هنا سلطانها القاهر على النفس لا يقف في وجهها أي سور محكم من المنطق والتفكير.
ولنفحص الآن " خطبته " التي واجههم بها في أول الملاقاة وقال عنها عمر: " ما شئ كان زورته في الطريق إلا أتى به أو بأحسن منه " فإنه ذكر فيها أولا ما للمهاجرين من فضل وسابقة في الإسلام بأنهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله وبالرسول وأنهم أولياؤه وعشيرته وأحق أناس بهذا الأمر " أي الخلافة " من بعده. وأن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش، وأنهم لا ينازعهم في ذلك إلا ظالم...! ثم خاطب الأنصار فلم يغمط حقهم وسابقهم وجهادهم، لكن... لكن من غير استحقاق لهذا الأمر، وإذا استحقوا شيئا فإنما هي " الوزارة ".. ولغيرهم... " الإمارة "، فقال: - (... وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلكم في الدين ولا سابقتكم العظيمة في الإسلام. رضيكم الله أنصارا لدينه ولرسوله وجعل إليكم هجرته، وفيكم جلة أزواجه