بكر، إذ ظهر بمظهر الخصم المدعي بحق الإمارة. وكأن أبا بكر فسح له المجال لأن يكون هو المدعي العام عن المهاجرين بعد أن نصب نفسه كحكم للمتنازعين. كما نلاحظ أيضا أنه لم يشر إلى قضية النص على قريش أو على خصوص واحد منهم، وإنما القضية قضية رضى العرب وإبائها وأن المهاجرين أولياء محمد وعشيرته. ولذا قال علي عليه السلام بعد ذلك: " احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة ".
فقام الحباب بعد عمر فقال: " يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإن أبوا عليكم ما سألتموه فاجلوهم عن هذه البلاد، وتولوا عليهم هذه الأمور، فأنتم - والله - أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين. أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب. أنا شبل في عرينة الأسد. أما والله لو شئتم لنعيدنها جذعة. والله لا يرد أحد على ما أقول إلا حطمت أنفه بالسيف ".
وهذه عصبية جاهلية وسوء قصد ظاهر. فقال له عمر:
" إذا يقتلك الله " فانتحى به الناحية الدينية إذ نسب القتل إلى الله تعالى ولم يقل يقتلك الناس. وهذا أسلوب من الرد فيه التهديد والتنديد على تلك دعوى الجاهلية منه. فقال الحباب: " بل إياك يقتل ".