ليس ذلك الرجل الذي يستهان بشأنه ويستصغر قدره حتى لا يستشار ولا يخبر بمثل هذا الأمر الخطير، وهو أن لم يكن منصوصا عليه بالخلافة فإن مؤاخاة النبي له مرتين دون سائر الخلق وجعله منه بمنزلة هارون من موسى وهو أحب الناس إليه ومولى كل من كان مولاه وولي كل مؤمن بعده ووارثه ووصيه ويدور الحق معه كيفما دار... كل هذا وغيره ما شئت أن تحدث يجعل له المنزلة الأولى في هذا الشأن ليستشار على الأقل.
ولئن كان مشغولا عنهم بجهاز النبي (ص) فجدير بأن يكون على خبر من ذلك ليكون ردا لهم عند حدوث ما يكره، وهم مقدمون على أمر عظيم، وعلي من لا ينكر في شجاعته وبطولته وإيمانه وتفانيه في سبيل نصرة الإسلام.
ولكنه بالرغم من ذلك كله لم يعلم بالحادث إلا بعد أن سمع التكبير من المسجد عاليا، وقد فرغوا من اجتماع السقيفة وجاءوا بأبي بكر يبايعونه البيعة العامة.
ولست في تعليلي هذا أدعي الإحاطة بأسرار هذا التكتم وإنما ذكرت ما يبدو لي عند البحث مقتنعا أنه أهم أسراره وعسى أن يكون هناك من يستطيع أن يشبع الموضع بحثا، فيزيدنا علما على علم أو يكشف لنا إنا على جهل.