شاهدنا موقفه في قصة الكتاب الذي أراد أن يكتبه النبي وفي مواقفه التي أشرنا إليها في الفصل الثاني، فلا نعجب إذا رأيناه يقف هذا الموقف ليلهي الناس عما يخشاه من استباق أحد إلى بيعة علي قبل مجئ أبي بكر.
أما إنه هل كان يدري كيف سيخرج من هذا المأزق الذي أدخل نفسه فيه فأغلب الظن أنه غامر بنفسه ليقف الناس عند حدهم. وعلى صاحبه إذا جاء أن يدبر الأمر حينئذ.
وأقوى الشواهد على هذا التعليل ما قلناه من سرعة قناعته بقول صاحبه أبي بكر، وهو لا يمس دعواه تكذيبا...
وليس إلا أن جاء أبو بكر ووقف خطيبا والتف حوله الناس وهو يعلم من أبو بكر فقد انتهت مهمته وانقلب الدور، ولم يبق إلا أن يخرج من موقفه الحرج بلباقة، لئلا يحسوا بهذا التدبير فينتقض الغرض، فصعق إلى الأرض كأنما تحقق موت النبي من جديد مظهرا القناعة بقول صاحبه. ثم لم يلبث أن راح يشتد معه لعملهما كأنما نشط من عقال ولم يقل ما قال، ولم يظهر ما أظهر من الدهشة والاضطراب، حتى رمي بالخبل وهو عنه بعيد، فقد ذهب بعد ذلك إلى السقيفة مع أبي بكر حينما علما باجتماع الأنصار السري ووقفا ذلك الموقف العجيب. وسنحدثك: